تنبيه: قال بعض العلماء في قوله تعالى: ﴿فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف﴾ وقوله تعالى: ﴿فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾ (البقرة: ٢٢٩)
إن: الزوج له حق في بدن الزوجة ولها حق في بدنه وذمته فكل من له دين في ذمة غيره سواء أكان مالاً، أو منفعة من ثمن أو مثمن أو أجرة، أو بدل متلف، أو ضمان مغصوب، أو نحو ذلك فعليه أن يؤدي ذلك الحق الواجب بإحسان، وعلى صاحب الحق أن يتبع بإحسان كما قال تعالى في آية القصاص: ﴿فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان﴾ (البقرة: ١٧٨)
وكذا الحق الثابت في بدنه مثل حق الاستمتاع والإجارة على عينه ونحو ذلك، فالطالب يطلب بمعروف والمؤدي يؤدي بإحسان.
ولما كان الإشهاد أقطع للنزاع قال تعالى حاثاً على الكيس واليقظة والبعد عن أفعال المغفلين العجزة: ﴿وأشهدوا﴾ أي: على الرجعة والمفارقة، وقيل: المعنى وأشهدوا عند الرجعة والفرقة جميعاً ﴿ذوي عدل منكم﴾ قطعاً للنزاع، وهذا الإشهاد مندوب إليه عند الجمهور كقوله تعالى: ﴿وأشهدوا إذا تبايعتم﴾ (البقرة: ٢٨٢)
وأوجب الإشهاد في الرجعة الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، والشافعي كذلك لظاهر الأمر. وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في القول الأخر: إن الرجعة لاتفتقر إلى القبول فلم تفتقر إلى الإشهاد كسائر الحقوق.
وإذا جامع أو قبل أو باشر يريد بذلك الرجعة فليس بمراجع، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا قبل أو باشر أو لمس بشهوة فهو رجعة، وكذا النظر إلى الفرج رجعة، وقال الشافعي وأبو ثور: إذا تكلم بالرجعة فهي رجعة، وقيل: وطؤه مراجعة على كل حال نواها أو لم ينوها، وهو مذهب أحمد وإليه ذهب الليث وبعض المالكية. قال القرطبي: وكان مالك يقول: إذا وطىء ولم ينو الرجعة فهو وطء فاسد، ولا يعود إلى وطئها حتى يستبرئها من مائه الفاسد، وله الرجعة في بقية العدة الأولى، وليست له الرجعة في هذا الاستبراء.
(١٢/٢٠٤)


الصفحة التالية
Icon