فإن قيل: هذه ثلاثة أشياء: الإسم منها عيسى، وأمّا المسيح والابن فلقب وصفة أجيب: بأنّ الإسم للمسمى علامة يعرف بها ويتميز عن غيره فكأنه قيل: الذي يعرف به ويتميز عمن سواه مجموع هذه الثلاثة، والمسيح لقب من الألقاب المشرفة كالصديق والفاروق وأصله مشيحا بالعبرانية ومعناه المبارك لقوله: ﴿وجعلني مباركاً أينما كنت﴾ واشتقاقه من المسح؛ لأنه مسح بالبركة أو بما طهره من الذنوب أو مسح الأرض ولم يقم في موضع، أو لأنه خرج من بطن أمّه ممسوحاً بالدهن، أو لأنّ جبريل مسحه بجناحه حتى لم يكن للشيطان عليه سبيل، أو لأنه كان مسيح القدم لا أخمص له. وقال ابن عباس: سمي مسيحاً لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برىء، ويسمى الدجال مسيحاً لأنه ممسوح إحدى العينين وعيسى معرب إيشوع وهو بالشين المعجمة السيد. قال البيضاويّ اشتقاقه من العيس وهو بياض تعلوه حمرة وهو تكلف لا طائل تحته وقوله تعالى: ﴿وجيهاً﴾ أي: ذا جاه حال مقدّرة من كلمة وهي وإن كانت نكرة لكنها موصوفة.
فإن قيل: لم ذكر ضمير الكلمة أجيب: بأنّ المسمى بها مذكر ﴿في الدنيا﴾ أي: بالنبوّة والتقدّم على الناس ﴿و﴾ في ﴿الآخرة﴾ بالشفاعة والدرجات العلى ﴿ومن المقرّبين﴾ عند الله تعالى لعلوّ درجته في الجنة ورفعه إلى السماء وصحبته للملائكة.
(٢/١٥)