ولما بالغ سبحانه في عتاب نساء النبي ﷺ مع صيانتهن عن التشبه إكراماً له ﷺ أتبع ذلك أمر الأمة بالتأسي به في هذه الأخلاق الكاملة فقال تعالى متبعاً لهن بالموعظة الخاصة بموعظة عامة دالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأقرب فالأقرب.
﴿يا أيها الذين أمنوا﴾ أي: أقروا بذلك ﴿قوا أنفسكم﴾ أي: اجعلوا لها وقاية بالتأسي به ﷺ وترك المعاصي وفعل الطاعات، وفي أدبه مع الخلق والخالق ﴿وأهليكم﴾ من النساء والأولاد وكل من يدخل في هذا الاسم قوهم ﴿ناراً﴾ بالنصح والتأديب ليكونوا متخلقين بأخلاق أهل النبي ﷺ كما روى الطبراني عن سعيد بن العاص: «ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن» وفي الحديث: «رحم الله رجلاً قال: يا أهلاه صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم لعل الله يجمعكم معهم في الجنة» وقيل: إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من جهل أهله، وقال ﷺ «رحم الله امرأ قام من الليل فصلى فأيقظ أهله، فإن لم تقم رش على وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلي وأيقظت زوجها، فإن لم يقم رشت على وجهه من الماء» وقال بعض العلماء: لما قال ﴿قوا أنفسكم﴾ دخل فيه الأولاد لأن الولد بعض منه، كما دخلوا في قوله تعالى: ﴿ولا عل أنفسكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم﴾ (النور: ٦١) وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أحل ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه» فلم يفرد بالذكر أفراد سائر القرابات فيعلمه الحلال والحرام. وقال عليه الصلاة والسلام: «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه اذا بلغ».
(١٣/١٨)