وقوله تعالى: ﴿ومريم ابنت عمران﴾ عطف على امرأة فرعون تسلية للأرامل ﴿التي أحصنت فرجها﴾ أي: عفت عن السوء وجميع مقدماته، كانت كالحصن العظيم المانع من العدو فاستمرت على حالها إلى الممات فزوجها الله تعالى في الجنة جزاء لها بخير خلقه محمد ﷺ وقال بعض المفسرين: أراد بالفرج هنا الجيب لقوله تعالى: ﴿فنفخنا﴾، أي: بمالنا من العظمة بواسطة ملكنا جبريل عليه السلام ﴿فيه﴾، أي: في جيب درعها. قال البقاعي: أو في فرجها الحقيقي، وعلى هذا فلا حاجة إلى التأويل ﴿من روحنا﴾، أي: من روح خلقناه بلا تواسط أصل وهو روح عيسى عليه السلام ﴿وصدقت بكلمات ربها﴾، أي: المحسن إليها واختلف في تلك الكلمات فقال: مقاتل يعني بالكلمات عيسى وأنه نبىّ وعيسى كلمة الله وقال البغوي: يعني الشرائع التي شرعها الله تعالى للعباد بكلماته المنزلة وقيل: هي قول جبريل عليه السلام لها ﴿إنما أنا رسول ربك﴾ (مريم: ١٩) الآية، وعلى كل قول استحقت أن تسمى لذلك صديقة، وقرأ: ﴿وكتبه﴾ أبو عمرو وحفص بضم الكاف والتاء جمعاً، والباقون بكسر الكاف وفتح التاء وبعدها ألف إفراداً والمراد منه الكثرة فالمراد به الجنس فيكون في معنى كل كتاب أنزله الله تعالى على ولدها أو غيره.
وقوله تعالى: ﴿وكانت من القانتين﴾ يجوز في ﴿مَن﴾ وجهان:
أحدهما: أنها لابتداء الغاية.
والثاني: أنها للتبعيض. وقد ذكرهما الزمخشري فقال: فمن للتبعيض، ويجوز أن تكون لابتداء الغاية أنها ولدت من القانتين لأنها من أعقاب هارون أخي موسى صلوات الله وسلامه على نبينا وعليهما وعليها وعلى سائر الأنبياء وآلهم أجمعين.
قال الزمخشري: فإن قلت لم قيل: من القانتين على التذكير؟
(١٣/٣٢)