وعن مقاتل: ﴿خلق الموت﴾ يعني: النطفة والعلقة والمضغة، وخلق الحياة يعني: خلق إنساناً فنفخ فيه الروح فصار إنساناً. قال القرطبي: وهذا حسن يدل عليه قوله تعالى: ﴿ليبلوكم﴾ أي: يعاملكم وهو أعلم بكم من أنفسكم معاملة المختبر لإظهار ما عندكم من العمل بالاختبار ﴿أيكم أحسن عملاً﴾ أي: من جهة العمل، أي: عمله أحسن من عمل غيره، وروي عن عمر مرفوعاً: «أحسن عملاً أحسن عقلاً وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله» وقال الفضيل بن عياض: أحسن عملاً أخلصه وأصوبه وقال: العمل لا يقبل حتى يكون خالصاً صواباً، فالخالص إذا كان لله والصواب إذا كان على السنة، وقال الحسن: أيكم أزهد في الدنيا وأترك لها، وقال السدي: أيكم أكثر للموت ذكراً وأحسن استعداداً وأشد خوفاً وحذراً. وقيل: يعاملكم معاملة المختبر، فيبلو العبد بموت من يعز عليه ليبين صبره وبالحياة ليبين شكره، وقيل: خلق الله تعالى الموت للبعث والجزاء وخلق الله الحياة للابتلاء.
فإن قيل: الابتلاء هو التجربة والامتحان حتى يعلم أنه هل يطيع أو يعصي وذلك في حق الله تعالى العالم بجميع الأشياء محال. أجيب: بأن الابتلاء من الله تعالى هو أن يعامل عبده معاملة تشبه المختبر كما مرّت الإشارة إليه.
﴿وهو﴾ أي: والحال أنه وحده ﴿العزيز﴾ أي: الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ﴿الغفور﴾ أي: الذي مع ذلك يفعل في محو الذنوب عيناً وأثراً فعل المبالغ في ذلك، ويتلقى من أقبل إليه أحسن تلق كما قال تعالى في الحديث القدسي: «ومن أتاني يمشي أتيته هرولة».
(١٣/٣٧)