ثم إنه تعالى أجاب عن هذا السؤال بقوله عز وجل: ﴿قل﴾ أي: يا أكرم الخلق لهؤلاء البعداء ﴿إنما العلم﴾ أي: علم وقت قيام الساعة ونزول العذاب ﴿عند الله﴾ أي: الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال، فهو الذي يكون عنده وبيده جميع ما يراد منه لا يطلع عليه غيره ﴿وإنما أنا نذير﴾ أي: كامل في أمر النذارة التي يلزم منه البشارة لمن أطاع النذير، لا وظيفة لي عند الملك الأعظم غير ذلك فلا وصول إلى سؤاله عما لا يؤذن لي في السؤال عنه ﴿مبين﴾ أي: بين الإنذار بإقامة الأدلة حتى يصير ذلك كأنه مشاهدة لمن له قبول العلم.
﴿فلما رأوه﴾ أي: العذاب بعد الحشر ﴿زلفة﴾ أي: ذا قرب عظيم منهم ﴿سيئت﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي: اسودّت ﴿وجوه﴾ وأظهر في موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال تعالى: ﴿الذين كفروا﴾ أي: أظهروا السوء وغاية الكراهة في وجوه من أوقع هذا الوصف.
تنبيه: الأصل ساء، أي: أحزن وجوههم العذاب ورؤيته ثم بني للمفعول وساء هنا ليست المرادفة لبئس.
(١٣/٦١)
وأشم كسرة السين نافع وابن عامر والكسائي والباقون باختلاس الكسرة. وقيل: أي: قال لهم الخزنة تقريعاً وتوبيخاً ﴿هذا الذي كنتم﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿به﴾ أي: بسببه ومن أجله ﴿تدّعون﴾ أي: تتمنون وتسألون وتزعمون أنكم لا تبعثون، وهذه حكاية حال تأتي عبر عنها بطريق المضي لتحقق وقوعها، وقرأ هشام والكسائي بضم القاف والباقون بكسرها.
﴿قل﴾ أي: يا أكرم الخلق لهؤلاء الذين طال تضجرهم منك وهم يتمنون هلاكك كما قال تعالى: ﴿أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون﴾ (الطور: ٣٠) ﴿أرأيتم﴾ أي: أخبروني خبراً أنتم في الوثوق به على ما هو كالرؤية ﴿إن أهلكني الله﴾ أي: أماتني بعذاب أو غيره الذي له من الجلال والإكرام ما يعصم به وليه ويقصم عدوه.


الصفحة التالية
Icon