﴿وغدوا﴾ أي: ساروا إليها غدوة ﴿على حرد﴾ أي: منع للمساكين. قال أبو عبيدة: على حرد، أي: منع من حاردت الإبل حراداً، أي: قل لبنها، والحرود من النوق القليلة الدر، وحاردت السنة قل مطرها وخيرها. وقال الشعبي وسفيان: على حنق وغضب من المساكين، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: على قدرة ﴿قادرين﴾ عند أنفسهم على جنتهم وثمارها لا يحول بينهم وبينها أحد، أي: بدليل عدم استثنائهم، فإن الجزم على الفعل في المستقبل فضلاً عن أن يكون مع الحلف فعل من لا كفء له. وقال الحسن وقتادة: على جد وجهد. وقال القرطبي وعكرمة: على أمر مجتمع.
ودل على قربها من منزلتهم بالفاء فقال تعالى: ﴿فلما رأوها﴾ أي: بعد سير يسير وليس للزرع ولا للثمر بها أثر ﴿قالوا إنا لضالون﴾ عن طريق جنتنا لأنها صارت لسوء حالها من ذلك الطائف بعيدة عن حال ما كانت عليه عند تواعدهم وتغيير نياتهم، فأدهشهم منظرها وحيرهم خبرها، وأكدوا لأن ضلالهم لا يصدق مع قرب عهدهم وكثرة ملابستهم لها وقوة معرفتهم بها.
ولما انجلى ما أدهشهم في الحال قالوا مضربين عن الضلال ﴿بل نحن محرومون﴾ أي: ثابت حرماننا ما كنا فيه من الخير الذي لم نغب عنه إلا سواد الليل، فحرمنا الله تعالى إياه بما عزمنا عليه من حرمان المساكين ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ (الرعد: ١١)
وقرأ الكسائي بإدغام اللام في النون والباقون بالإظهار.
(١٣/٨٨)


الصفحة التالية
Icon