وقوله تعالى: ﴿ما لكم﴾ أي: أيّ شيء يحصل لكم من هذه الأحكام الجائرة البعيدة عن الصواب ﴿كيف تحكمون﴾ أي: أيّ عقل دعاكم إلى هذا الحكم الذي يتضمن التسوية من السيد بين المحسن من عبيده والمسيء مع التفاوت، فيه تعجب من حكمهم واستبعاد له وإشعار بأنه صادر عن اختلال فكر واعوجاج رأي.
﴿أم﴾ أي: بل الله ﴿لكم كتاب﴾ أي: سماوي معروف أنه من عند الله خاص بكم ﴿فيه﴾ أي: لا في غيره من أساطير الأولين ﴿تدرسون﴾ أي: تقرؤون قراءة أيقنتكم.
﴿إن لكم﴾ أي: خاصة على وجه التأكيد الذي لا رخصة في تركه ﴿لما تخيرون﴾ أي: ما تختارونه وتشتهونه، وكسرت وكان حقها الفتح لولا اللام لأن ما بعدها هو المدروس، ويجوز أن تكون الجملة حكاية للمدروس وأن تكون استئنافية.
﴿أم لكم أيمان﴾ أي: عهود ومواثيق ﴿علينا﴾ قد حملتمونا إياها ﴿بالغة﴾ أي: واثقة لأيمان، وقوله تعالى: ﴿إلى يوم القيامة﴾ متعلق بما تعلق به لكم من الاستقرار، أي: ثابتة لكم إلى يوم القيامة، أي: مبالغة، أي: تبلغ إلى ذلك اليوم وتنتهي إليه. وقوله تعالى: ﴿إن لكم لما تحكمون﴾ جواب القسم لأن معنى ﴿أم لكم أيمان علينا﴾ أي: أقسمنا لكم.
(١٣/٩٣)
ولما عجب منهم وتهكم بهم ذيل ذلك بتهكم أعلى منه يكشف عوارهم غاية الكشف فقال تعالى: ﴿سلهم﴾ يا أشرف الرسل ﴿أيهم بذلك﴾ أي: الأمر العظيم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل من المؤمنين ﴿زعيم﴾ أي: كفيل وضامن أو سيد أو رئيس أو متكلم بحق أو باطل التزم في ادعائه صحة ذلك.
﴿أم لهم شركاء﴾ موافقون لهم في هذا القول يكفلونه لهم فإن كانوا كذلك ﴿فليأتوا بشركائهم﴾ أي: الكافلين لهم به ﴿إن كانوا صادقين﴾ أي: عريقين في هذا الوصف كما يدعونه.
(١٣/٩٤)


الصفحة التالية
Icon