﴿ويدعون﴾ أي: من داعي الملك الديان ﴿إلى السجود﴾ توبيخاً على تركه الآن وتنديماً وتعنيفاً لا تعبداً وتكليفاً، فيريدونه ليفدوا أنفسهم مما يرون من المخاوف ﴿فلا﴾ أي: فتسبب عن ذلك أنهم لا ﴿يستطيعون﴾ لأنهم غير سالمين لا أعضاء لهم تنقاد به مع شدة معالجتهم لأنفسهم فيقول الله تعالى أي: للساجدين: عبادي ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلاً من اليهود والنصارى في النار، قال أبو بردة: فحدثت هذا الحديث عبر بن عمر العزيز، فقال لي: والله الذي لا إله إلا هو لقد حدثك أبوك بهذا الحديث، فحلف له ثلاثة أيمان فقال: ما سمعت في أهل التوحيد حديثاً هو أحب إلي من هذا الحديث، وأما غير الساجدين فعن ابن مسعود تعقم أصلابهم، أي: ترد عظامها بلا مفاصل لا تنثني عند الرفع والخفض، وفي الحديث وتبقى أصلابهم طبقاً واحداً، أي: فقارة واحدة.
وقوله تعالى: ﴿خاشعة﴾ حال من مرفوع يدعون وقوله تعالى: ﴿أبصارهم﴾ فاعل به ونسب الخشوع للأبصار، لأنّ ما في القلب يعرف في العين وذلك أن المؤمنين يرفعون رؤوسهم من السجود ووجوههم أضوأ من الشمس، ووجوه الكافرين والمنافقين سود مظلمة. ﴿ترهقهم﴾ أي: تغشاهم ﴿ذلة﴾ أي: عظمية لأنهم استعملوا الأعضاء التي أعطاهموها الله سبحانه ليتقرّبوا بها إليه في دار العمل في غير طاعته ﴿وقد﴾ أي: والحال أنهم قد ﴿كانوا يدعون إلى السجود﴾ أي: في الدنيا من كل داع يدعو إلينا، وقال إبراهيم التيمي: أي يدعون بالأذان والإقامة فيأبون. وقوله تعالى: ﴿وهم سالمون﴾ أي: معافون أصحاء، حال من مرفوع يدعون الثانية. وقال سعيد بن جبير: كانوا يسمعون حيّ على الفلاح فلا يجبيبون، وقال كعب الأحبار: والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات.
(١٣/٩٧)