﴿وإن﴾ هي المخففة، أي: وإنه ﴿يكاد الذين كفروا﴾ أي: ستروا ما قدروا عليه مما جئت به من الدلائل، وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف.
ولما كانت إن مخففة أتى باللام التي هي عَلَمها فقال: ﴿ليزلقونك بأبصارهم﴾ أي: ينظرون إليك نظراً شديداً يكاد أن يصرعك من قامتك إلى الأرض كما يزلق الإنسان فينطرح لما يتراءى في عيونهم، أو يهلكونك من قولهم: نظر إلي نظراً يكاد يصرعني ويكاد يأكلني، أي: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعل قال القائل:

*يتقارضون إذا التقوا في موطن نظرا يزل مواطئ الأقدام*
وقيل: أرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش، وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجمه، وقيل: كانت العين في بني إسرائيل فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام فلا يمر به شيء فيقول: لم أر كاليوم مثله إلا عانه حتى أن البقرة السمينة أو الناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها، ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم، فائتينا من لحم هذه الناقة فما تبرح الناقة حتى تقع للموت فتنحر. وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئاً يومين أو ثلاثة ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم، فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه فلا تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة هالكة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي ﷺ بالعين فأجابهم، فلما مر النبي ﷺ أنشد:
*قد كان قومك يحسبونك سيدا وأخال أنك سيد معيون*
(١٣/١٠٢)


الصفحة التالية
Icon