﴿وأمّا عاد فأهلكوا﴾ أي: بأشق ما يكون عليهم وبأيسر ما يكون علينا ﴿بريح صرصر﴾ أي: شديدة الصوت لها صرصرة، وقيل: هي الباردة من الصرّ كأنها التي كرر فيها البرد وكثر، فهي تحرق بشدة بردها. وقال مجاهد: هي الشديدة السموم ﴿عاتية﴾ أي: مجاوزة للحدّ في شدة عصفها، والعتو استعارة، أو عتت على عاد فما قدروا على ردها بحيلة، من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكانهم وتهلكم، وقيل: عتت على خزانها فخرجت بلا كيل ولا وزن، وروي أنه ﷺ قال: «ما أرسل الله تعالى سفينة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال، إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيل ثم قرأ ﴿إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية﴾ (الحاقة: ١١)
(١٣/١٠٦)
وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ: ﴿بريح صرصر عاتية﴾. ﴿سخرها﴾ أرسلها ﴿عليهم﴾ وقال مقاتل رضي الله عنه: سلطها عليهم ﴿سبع ليال﴾ أي: لا تفتر فيها الريح لحظة ﴿وثمانية أيام﴾ كذلك. قال وهب: هي الأيام التي تسميها العرب العجوز ذات برد وريح شديدة قيل: سميت عجوزاً لأنها في عجز الشتاء، وقيل: سميت بذلك لأنّ عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فتبعتها الريح فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب ﴿حسوماً﴾ قال مجاهد وقتادة رضي الله عنهما: متتابعة ليس فيها قترة، فعلى هذا هو من حسم الكي، وهو أن يتابع على موضع الداء المكواة حتى يبرأ، ثم قيل لكل شيء يقطع: حاسم وجمعه حسوم مثل شاهد وشهود. وقال الكلبي: حسوماً دائماً، وقال النضر بن شميل: حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم، والحسم القطع والمنع ومنه: حسم الداء، وقال عطية: حسوماً شؤماً كأنها حسمت الخير عن أهلها.


الصفحة التالية
Icon