وقوله تعالى: ﴿قطوفها﴾ جمع كثرة لقطف بالكسر وهو فعل بمعنى مفعول كالذبح وهو ما يجنيه الجاني من الثمار، وأما القطف بالفتح فالمصدر، والقطاف بالفتح والكسر وقت القطف ﴿دانية﴾، أي: قريبة المأخذ سهلة التناول جداً للراكب والقائم والقاعد والمضطجع كل ذلك على حدّ سواء دائماً من غير انقطاع لا كلفة على أحد في تناوله شيئاً من ذلك.
(١٣/١٢١)
وقوله تعالى: ﴿كلوا واشربوا﴾ على إضمار القول، أي: يقال لهم ذلك وجمع الضمير للمعنى؛ لأن قوله تعالى: ﴿فأما من أوتي كتابه﴾. يتضمن معنى الجمع وهذا أمر امتنان لا أمر تكليف، ﴿هنيئاً﴾ أي: أكلاً طيباً لذيذاً شهياً مع البعد عن كل أذى وسلامة العاقبة بكل اعتبار ولا فضلة هناك من بول ولا غائط ولا بصاق ولا مخاط ولا قرف ولا وهن ولا صداع ولا ثقل، والباء في قوله تعالى: ﴿بما أسلفتم﴾ سببية وما مصدرية أو اسمية، أي: بما قدّمتم من الأعمال الصالحة ﴿في الأيام الخالية﴾ أي: الماضية في الدنيا التي انقضت وذهبت واسترحتم من تعبها وعن مجاهد رضي الله عنه: أيام الصيام، أي: كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله تعالى. وروي: يقول الله تعالى: يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت أعينكم، وخمصت بطونكم فكونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية.


الصفحة التالية
Icon