﴿ولا بقول كاهن﴾ وهو المنجم الذي يخبر عن الأشياء وأغلبها ليس له صحة، وقوله تعالى: ﴿قليلاً ما تذكرون﴾ يأتي فيه ما تقدم في ﴿قليلاً ما تؤمنون﴾ وقال البغوي: أراد بالقليل نفي إسلامهم أصلاً كقولك لمن لا يزورك: قلما تأتينا وأنت تريد ما تأتينا أصلاً، وقرأ: ﴿قليلاً ما يؤمنون﴾ ﴿قليلاً ما يذكرون﴾ ابن كثير وابن عامر بخلاف عن ابن ذكوان بالياء التحتية فيهما، والباقون بالفوقية، وخفف الذال حمزة والكسائي وحفص وشددها الباقون.
وقوله تعالى: ﴿تنزيل﴾ خبر لمبتدأ مضمر، أي: هو تنزيل على وجه التنجيم، قال البقاعي: وأشار إلى الرسالة إلى جميع الخلق من أهل السموات والأرض بقوله تعالى: ﴿من رب العالمين﴾ أي: موجدهم ومدبرهم بالإحسان إليهم بما يفهم كل منهم من هذا الذكر الذي رباهم به ورتب سبحانه نظمه على وجه سهل على كل منهم يكفي في هدايته ا. ه. وهذا يدل على أنه ﷺ أرسل للملائكة وهو الذي ينبغي وإن لم يكونوا مكلفين تشريفاً لهم زيادة في شرفه بإرساله ﷺ إليهم.
﴿ولو تقوّل﴾، أي: كلف نفسه أن يقول مرة من الدهر كذباً ﴿علينا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿بعض الأقاويل﴾ أي: التي لم نقلها أو قلناها ولم نأذن له فيها قال الزمخشري: التقوّل افتعال القول لأن فيه تكلفاً من المفتعل وسمى الأقوال المنقولة أقاويل تصغيراً لها وتحقيراً، كقولك: الأعاجيب والأضاحيك، كأنها جمع أفعولة من القول. والمعنى: لو نسب إلينا قولاً لم نقله أو لم نأذن له في قوله: ﴿لأخذنا﴾ أي: لنلنا ﴿منه﴾ أي: عقاباً ﴿باليمين﴾ أي: بالقوة والقدرة.
تنبيه: الباء على أصلها غير مزيدة، والمعنى: لأخذناه بقوة منا، فالباء حالية والحال من الفاعل وتكون منه في حكم الزائدة، واليمين هنا مجاز عن القوة والغلبة، فإن قوة كل شيء في ميامنه، وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهم، ومنه قول الشماخ:

*إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين*
(١٣/١٢٩)


الصفحة التالية
Icon