ولما ذكر ألصق الناس بالفؤاد وأعز من يلزمه نصره والذب عنه أتبعه ما يليه في الرتبة والمودة بقوله تعالى: ﴿وصاحبته﴾ أي: زوجه التي يلزمه الذب عنها لا سيما عند العرب من أقبح العار ولكونه دائماً معها. ولما ذكر الصاحبة لما لها من تمام الوصلة أتبعها الشقيق الذي هو عليه شفيق بقوله تعالى: ﴿وأخيه﴾ أي: الذي له به النصرة على من يريد، قال الشاعر:

*أخاك أخاك إن من لا أخا له كنازل الهيجاء بغير سلاح*
ولما كان من بقي من الأقارب بعد ذلك متقاربين في الرتبة ذكر أقربهم بقوله تعالى: ﴿وفصيلته﴾ أي: عشيرته الذين هم أقرب من فصل عنه، وقال ثعلب: الفصيلة الآباء الأدنون، وقال أبو عبيدة رضي الله عنه: الفخذ، وقال مجاهد وابن زيد رضي الله عنهم: عشيرته الأقربون، ﴿التي تؤويه﴾ أي: تضمه إليها عند الشدائد وتحميه لأنه أقرب الناس إليها وأعزهم عليها.
ولما خصص عمم بقوله تعالى: ﴿ومن في الأرض﴾ أي: من الثقلين وغيرهم سواء كان فيهم صديق لا صبر عنه ولا بدّ في كل حال منه أم لا، ثم أكد ذلك بقوله تعالى: ﴿جميعاً﴾ وقوله تعالى: ﴿ثم ينجيه﴾ أي: ذلك الافتداء عطف على يفتدى، وقوله تعالى: ﴿كلا﴾ ردّ وردع وزجر لما يودّه، وقال القرطبي: وإنها تكون بمعنى حقاً وبمعنى لا وهي هنا تحتمل الأمرين فإذا كانت بمعنى حقاً كان تمام الكلام ينجيه، وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها إذ ليس من عذاب الله افتداء.
(١٣/١٣٨)


الصفحة التالية
Icon