﴿والذين يصدّقون﴾ أي: يوقعون التصديق لمن يخبرهم ويجدّدونه كل وقت ﴿بيوم الدين﴾ أي: الجزاء الذي ما مثله يوم وهو يوم القيامة الذي يقع الحساب فيه على النقير والقمطير والتصديق به حق التصديق الاستعداد له بالأعمال الصالحة، فالذين يعلمون لذلك اليوم هم العمال، وأما المصدّقون بمجرّد الأقوال فلهم الوبال وإن أنفقوا أمثال الجبال.
(١٣/١٤٢)
﴿والذين هم﴾ أي: بجميع ضمائرهم وظواهرهم ﴿من عذاب ربهم﴾ أي: المحسن إليهم لا من عذاب غيره فإن المحسن أولى بأن يخشى ولو من قطع إحسانه ﴿مشفقون﴾ أي: خائفون في هذه الدار خوفاً عظيماً هو في غاية الثبات من أن يعذبهم في الآخرة أو في الدنيا أو فيهما، فهم لذلك لا يفعلون إلا ما يرضيه سبحانه.
﴿إن عذاب ربهم﴾ أي: الذي هم مغمورون بإحسانه وهم عارفون بأنه قادر على الانتقام ولو بقطع الإحسان ﴿غير مأمون﴾ أي: لا ينبغي لأحد أن يأمنه بل يجوز أن يحل به وإن بالغ في الطاعة؛ لأن الملك مالك وهو تام الملك، له أن يفعل ما شاء، ومن جوز وقوع العذاب أبعد عن موجباته غاية الإبعاد ولم يزل مترجحاً بين الخوف والرجاء.
﴿والذين هم﴾ أي: ببواطنهم الغالبة على ظواهرهم ﴿لفروجهم﴾ أي: سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاً ﴿حافظون﴾ أي: حفظاً ثابتاً دائماً عن كل ما نهى الله تعالى عنه ﴿إلا على أزواجهم﴾ أي: من الحرائر بعقد النكاح، وقدمهنّ لشرفهنّ وشرف الولد بهنّ، ثم أتبعه قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهم﴾ أي: من السراري التي هي محل الحرث والنسل واللاتي هن أقل عقلاً من الرجال، ولهذا عبر بما التي هي في الأغلب لغير العقلاء، وفي ذلك إشارة إلى اتساع النطاق في احتمالهن.