﴿فلا﴾ زيدت فيه لا ﴿أقسم برب﴾ أي: سيد ومبدع ومدبر ﴿المشارق﴾ أي: التي تشرق الشمس والقمر والكواكب السيارة، كل يوم في موضع منها على المنهاج الذي دبره والطريق والقانون الذي أتقنه وسخره ستة أشهر صاعدة وستة أشهر هابطة ﴿والمغارب﴾ كذلك وهي التي ينشأ عنها الليل والنهار والفصول الأربعة، فكان بها صلاح العالم بمعرفة الحساب وإصلاح المآكل والمشارب وغير ذلك من المآرب، فيوجد كل من الملوين بعد أن لم يكن والنبات من النجم والشجر كذلك عادة مستمرة دالة على أنه تعالى قادر على الإيجاد والإعدام لكل ما يريده من غير كلفة ما. كما قال تعالى: ﴿إنا﴾ أي: على ما لنا من العظيمة ﴿لقادرون﴾.
﴿على أن نبدل﴾ أي: تبديلاً عظيماً بما لنا من الجلالة عوضاً عنهم ﴿خيراً منهم﴾ أي: بالخلق أو بتحويل الوصف فيكونون أشدّ بطشاً في الدنيا وأكثر أموالاً وأولاداً وأعلى قدراً وأكثر حشماً وجاهاً وخدماً، فيكونون عندك على قلب واحد في سماع قولك وتوقيرك وتعظيمك والسعي في كل ما يشرح صدرك بدل ما يعمل هؤلاء من الهزء والتصفيق والصفير وكل ما يضيق به صدرك، وقد فعل ذلك سبحانه بالمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان بالسعة في الرزق بأخذ أموال الجبارين من كسرى وقيصر والتمكين في الأرض حتى كانوا ملوك الدنيا مع العمل بما يوجب لهم ملك الآخرة، ففرجوا الكرب عن رسول الله ﷺ وبذلوا في مرضاته الأنفس والأموال ﴿وما نحن بمسبوقين﴾ أي: لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر نريده بوجه من الوجوه.
(١٣/١٤٨)