﴿ويؤخركم﴾ أي: بلا عذاب تأخيراً ينفعكم ﴿إلى أجل مسمى﴾ أي: قد سماه الله تعالى وعلمه قبل إيجادكم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه فيكون موتكم على العادة أو يأخذكم جميعاً، فالأمور كلها قد قدرت وفرغ من ضبطها لإحاطة العلم والقدرة فلا يزاد فيها ولا ينقص ليعلم أنّ الإرسال إنما هو مظهر لما قدره في الأزل، ولا يظن أنه قالب للأعيان بتغيير ما سبق به القضاء من الطاعة والعصيان، وقرأ: ويوخركم ولا يوخر ورش بإبدال الهمزة واواً وقفاً ووصلاً، وحمزة في الوقف دون الوصل، والباقون بالهمز.
﴿إنّ أجل الله﴾ أي: الذي له الكمال كله فلا رادّ لأمره ﴿إذا جاء لا يؤخر﴾ أي: إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب، وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته، وقد يضاف إلى القوم كقوله تعالى: ﴿إذا جاء أجلهم﴾ (يونس: ٤٩)
لأنه مضروب لهم. ﴿لو كنتم تعلمون﴾ أي: لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك ولكنهم لانهماكهم في حبّ الدنيا كأنهم شاكّون في الموت.
ولما كان عليه السلام أطول الأنبياء عمراً وكان قد طال نصحه لهم ولم يزدادوا إلا طغياناً وكفراً ﴿قال﴾ منادياً لمن أرسله لأنه تحقق أن لا قريب منه غيره: ﴿رب﴾ أي: يا سيدي وخالقي ﴿إني دعوت﴾ أي: أوقعت الدعاء إلى الله بالحكمة والمواعظة الحسنة ﴿قومي﴾ أي: الذين هم جديرون بإجابتي لمعرفتهم بي وقربهم مني، وفيهم قوّة المحاولة لما يريدون ﴿ليلاً ونهاراً﴾ أي: دائماً متصلاً لا أفتر عن ذلك. وقيل: معناه سراً وجهراً. ﴿فلم يزدهم دعائي﴾ أي: شيئاً من أحوالهم التي كانوا عليها ﴿إلا فراراً﴾ أي: بعداً وإعراضاً عن الإيمان كأنهم حمر مستنفرة استثناء مفرغ وهو مفعول ثان، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بسكون الياء، والباقون بفتحها وهم على مراتبهم في المد.
(١٣/١٥٤)


الصفحة التالية
Icon