ولما كان عليه السلام أطول الأنبياء عمراً وكان قد طال نصحه لهم ولم يزدادوا إلا طغياناً وكفراً ﴿قال﴾ منادياً لمن أرسله لأنه تحقق أن لا قريب منه غيره: ﴿رب﴾ أي: يا سيدي وخالقي ﴿إني دعوت﴾ أي: أوقعت الدعاء إلى الله بالحكمة والمواعظة الحسنة ﴿قومي﴾ أي: الذين هم جديرون بإجابتي لمعرفتهم بي وقربهم مني، وفيهم قوّة المحاولة لما يريدون ﴿ليلاً ونهاراً﴾ أي: دائماً متصلاً لا أفتر عن ذلك. وقيل: معناه سراً وجهراً. ﴿فلم يزدهم دعائي﴾ أي: شيئاً من أحوالهم التي كانوا عليها ﴿إلا فراراً﴾ أي: بعداً وإعراضاً عن الإيمان كأنهم حمر مستنفرة استثناء مفرغ وهو مفعول ثان، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بسكون الياء، والباقون بفتحها وهم على مراتبهم في المد.
(١٣/١٥٦)