﴿يرسل السماء﴾ أي: المظلة لأن المطر منها، ويجوز أن يراد السحاب والمطر ﴿عليكم مدراراً﴾.
(١٣/١٥٨)
﴿ويمددكم بأموال وبنين﴾ أي: ويكثر أموالكم وأولادكم، وذلك أن قوم نوح عليه السلام لما كذبوه زماناً طويلاً حبس الله تعالى عنهم المطر وعقم أرحام نسائهم أربعين سنة فهلكت أموالهم ومواشيهم، فقال لهم نوح: استغفروا ربكم من الشرك، أي: استدعوه المغفرة بالتوحيد ﴿يرسل السماء عليكم مدراراً﴾. روى الشعبي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما خرج يستسقي بالناس فلم يزد على الاستغفار، فلما نزل قيل: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت الغيث بمخاريج السماء التي بها يستنزل القطر، ثم قرأ هذه الآية، شبه الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطىء. وعن الحسن أن رجلاً شكا إليه الجدب، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أبواباً ويسألون أنواعاً، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا الآية. وقال القشيري: من وقعت له حاجة إلى الله تعالى فلن يصل إلى مراده إلا بتقديم الاستغفار. وقال: إن عمل قوم نوح كان بضد ذلك، كلما ازداد نوح عليه السلام في الضمان ووجوه الخير والإحسان ازدادوا في الكفر والنسيان.
﴿ويجعل لكم﴾ أي: في الدارين ﴿جنات﴾ أي: بساتين عظيمة وأعاد العامل للتأكيد، فقال ﴿ويجعل لكم أنهاراً﴾ أي: يخصكم بذلك عمن لم يفعل ذلك، فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً. وقال تعالى: ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ (الأعراف: ٩٦)
وقال تعالى: ﴿ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم﴾ وقال تعالى: ﴿وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً﴾ (الجن: ١٦)
(١٣/١٥٩)