قال محمد بن كعب: كان لآدم عليه السلام خمسة بنين: ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وكانوا عباداً، فمات رجل منهم فحزنوا عليه فقال الشيطان: أنا أصوّر لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه، قالوا: افعل، فصوّره في المسجد من صفر ورصاص، ثم مات آخر فصوّره حتى ماتوا كلهم وصوّرهم وتناقصت الأشياء كما تناقصت اليوم إلى أن تركوا عبادة الله تعالى بعد حين، فقال لهم الشيطان: ما لكم لا تعبدون شيئاً؟ قالوا: وما نعبد؟ قال: آلهتكم وآلهة آبائكم، ألا ترون أنها في مصلاكم فعبدوها من دون الله تعالى حتى بعث الله نوحاً عليه السلام، فقالوا: ﴿لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودًّا ولا سواعاً﴾ الآية.
(١٣/١٦٤)
وقال محمد بن كعب أيضاً ومحمد بن قيس: بل كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح عليهما السلام، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا زين لهم إبليس أن يصوّروا صورهم ليتذكروا بها اجتهادهم وليتسلوا بالنظر إليها فصوّروهم، فلما ماتوا جاء آخرون فقالوا: ليت شعري ما هذه الصور التي كان يعبدها آباؤنا، فجاءهم الشيطان فقال: كان آباؤكم يعبدونها فترحمهم وتسقيهم المطر فعبدوها فابتدئ عبادة الأوثان من ذلك الوقت، وبهذا المعنى فسر ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة: «أنّ أمّ حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة تسمى مارية فيها تصاوير لرسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ إنّ أولئك كانوا إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، ثم صوّروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة».v