ولما كان نوح عليه السلام أوّل رسول أرسله الله تعالى إلى المخالفين من أهل الأرض، وكان نبينا ﷺ خاتم النبيين فهو آخر رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض وغيرهم ناسب ذكره بعد نوح، فقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
(١٣/١٧١)
﴿قل﴾ أي: يا أشرف الرسل للناس ﴿أوحي إليّ﴾ وقال ابن عباس: قل يا محمد لأمّتك: أوحي إليّ على لسان جبريل ﴿أنه استمع نفر من الجنّ﴾ والنفر الجماعة ما بين الثلاثة إلى العشرة قال البغوي: وكانوا تسعة من جنّ نصيبين، وقيل: كانوا سبعة وفي هذه العبارة دليل على أنه ﷺ ما رآهم ولا قرأ عليهم، وإنما اتفق حضورهم عند قراءته ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: «انطلق رسول الله ﷺ في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسل عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب فقالوا: ما ذاك إلا من شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمرّ النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهو وأصحابه بنخلة قاصدين سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له قالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء». وهل هذا الاستماع هو المذكور في الأحقاف أو غيره؟ قال أبو حيان: المشهور أنه هو. وقيل: غيره، والجنّ الذين أتوه جنّ نصيبين والذين أتوه بنخلة جنّ نينوى، والسورة التي استمعوها قال عكرمة العلق، وقيل: الرحمن، ولم يذكر هنا ولا في الأحقاف أنه رآهم.
(١٣/١٧٣)