﴿وأنا﴾ أي: يا معشر المسلمين من الجنّ ﴿ظننا﴾ أي: حسبنا لسلامة فطرتنا ﴿أن﴾ أي: أنه وزادوا في التأكيد فقالوا ﴿لن تقول﴾ وبدؤوا بأفضل الجنسين فقالوا ﴿الإنس﴾ وأتبعوهم قرناءهم، فقالوا ﴿والجنّ على الله﴾ أي: الملك الأعلى الذي بيده النفع والضرّ ﴿كذباً﴾ أي: قولاً هو لعراقته في مخالفة الواقع نفس الكذب، وإنما كنا نظنهم صادقين في قولهم إنّ لله صاحبة وولداً حتى سمعنا القرآن وتبينا به الحق قيل انقطع الإخبار عن الجنّ ههنا.
﴿وأنه﴾ أي: الشان ﴿كان رجال﴾ أي: ذوو قوة وبأس ﴿من الإنس﴾ أي: النوع الظاهر في عالم الحس ﴿يعوذون﴾ أي: يلتجئون ويعتصمون خوفاً على أنفسهم وما معهم إذا نزلوا وادياً ﴿برجال من الجنّ﴾ أي: القبيل المستتر عن الأبصار، وذلك أنّ القوم منهم كانوا إذا نزلوا وادياً أو غيره من القفر تعبث بهم الجنّ في بعض الأحيان؛ لأنه لا مانع لهم منهم من ذكر الله ولا دين صحيح ولا كتاب من الله تعالى صريح، فحملهم ذلك على أن يستجيروا بعظمائهم، فكان الرجل يقول عند نزوله: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فيبيت في أمن وفي جوار منهم حتى يصبح فلا يرى إلا خيراً، وربما هدوه إلى الطريق وردوا عليه ضالته، قال مقاتل: كان أوّل من تعوذ بالجنّ قوم من أهل اليمن من بني حنيفة، ثم فشا ذلك في العرب، فلما جاء الإسلام عاذوا بالله تعالى وتركوهم.
(١٣/١٧٩)


الصفحة التالية
Icon