﴿يا أيها المزمّل﴾ أصله: المتزمل فأدغمت التاء في الزاي، يقال: ازمّل يتزمّل تزمّلاً، فإذا أريد الإدغام اجتلبت همزة الوصل، وهذا الخطاب للنبيّ ﷺ وفيه ثلاثة أقوال: الأول: قال عكرمة: يا أيها المزمّل بالنبوّة والملتزم للرسالة، وعنه: يا أيها الذي ازمل هذا الأمر، أي: حمله ثم فتر. والثاني: قال ابن عباس رضي الله عنهما: يا أيها المزمّل بالقرآن. والثالث: قال قتادة رضي الله عنه: يا أيها المزمّل بثيابه. قال النخعي: كان متزملاً بقطيفة عائشة بمرط طوله أربعة عشر ذراعاً قالت عائشة رضي الله عنها: «كان نصفه عليّ وأنا نائمة ونصفه على النبيّ ﷺ وهو يصلي والله ما كان خزاً ولا قزاً ولا مرعزى ولا إبريسماً ولا صوفاً كان سداه شعراً ولحمته وبراً». ذكره الثعلبي، ولحمة الثوب بفتح اللام وضمها والفتح أفصح ولحمة النسب كذلك والضم أفصح ولحمة البازي بالضم لا غير لأنها كاللقمة.
قال القرطبي: وهذا القول من عائشة رضي الله عنها يدل على أنّ السورة مدنية، فإن النبيّ ﷺ لم يبن بها إلا بالمدينة، والقول بأنها مكية لا يصح. وقال الضحاك: تزمل لمنامه وقيل: بلغه من المشركين قول سوء فيه فاشتدّ عليه فتزمل وتدثر، فنزلت
﴿يا أيها المزمّل﴾ و﴿يا أيها المدثر﴾ (المدثر: ١)
(١٣/٢٠١)


الصفحة التالية
Icon