والأولى أن تحمل هذه المعاني كلها فيه. وقيل: المراد هو الوحي كما جاء في الخبر «أنّ النبيّ ﷺ كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها أي: صدرها على الأرض فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرّى عنه». وعن الحارث بن هشام أنه سأل النبيّ ﷺ كيف يأتيك الوحي؟ فقال النبيّ ﷺ أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهذا أشدّ عليّ فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول. قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصد عرقاً، أي: يجري عرقه كما يجري الدم من الفاصد. وقوله فينفصم عني أي: ينفصل عني ويفارقني، وقد وعيت أي: حفظت ما قال. وقال القشيري: القول الثقيل هو قول لا إله إلا الله لأنه ورد في الخبر: «لا إله إلا الله خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان». وقال الزمخشري: هذه الآية اعتراض ثم قال: وأراد بهذا الاعتراض أنّ ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأنّ الليل وقت السبات والراحة والهدوء، فلا بدّ لمن أحياه من مضارّة لطبعه ومجاهدة لنفسه ا. ه. فالاعتراض من حيث المعنى لا من حيث الصناعة، وذلك أنّ قوله تعالى:
(١٣/٢١٠)
﴿إنّ ناشئة الليل﴾ أي: القيام بعد النوم ﴿هي أشدّ وطأ﴾ أي: موافقة السمع للقلب على تفهم القرآن هي أشدّ مطابق لقوله: ﴿قم الليل﴾ فكأنه شابه الاعتراض من حيث دخوله بين هذين المناسبين، والمعنى: سنلقي عليك بافتراض صلاة الليل قولاً ثقيلاً يثقل حمله؛ لأنّ الليل للمنام، فمن أمر بقيام أكثره لم يتهيأ له ذلك إلا بحمل مشقة شديدة على النفس ومجاهدة الشيطان، فهو أمر ثقيل على العبد.


الصفحة التالية
Icon