واختلف في سبب نزول هذه الآية فقال مقاتل: نزلت في المطعمين يوم بدر، وهم عشرة فلم يكن إلا يسيراً حتى قتلوا ببدر. وقال يحيى بن سلام: إنهم بنو المغيرة. وقال سعيد بن جبير: أخبرت أنهم اثنا عشر رجلاً، وقال البغوي: نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين.
وقوله تعالى: ﴿أولي النعمة﴾ نعت للمكذبين أي أصحاب التنعم والترفه.
فائدة: النعمة بالفتح التنعم وبالكسر الإنعام وبالضم المسرّة.
﴿ومهلهم﴾ أي: اتركهم برفق وتأنّ وتدريج ولا تهتم بشأنهم. وقوله تعالى: ﴿قليلاً﴾ نعت لمصدر، أي: تمهيلاً قليلاً أو لظرف زمان محذوف أي زماناً قليلاً فقتلوا بعد يسير ببدر.
وقوله تعالى: ﴿إنّ لدينا أنكالاً﴾ جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل الذي لا ينفك أبداً وقال الكلبي: أغلالاً من حديد ﴿وجحيماً﴾ أي: ناراً حامية جدًّا شديدة الاتقاد مما كانوا يتقيدون به من تبريد الشراب والتنعم برقيق اللباس وتكلف أنواع الراحة.
﴿وطعاماً ذا غصة﴾ أي: يغص به في الحلق وهو الزقوم أو الضريع أو الغسلين أو الشوك من نار لا يخرج ولا ينزل ﴿وعذاباً أليماً﴾ أي: مؤلماً. ومعنى الآية: أنّ لدينا في الآخرة ما يضادّ تنعمهم في الدنيا وهي هذه الأمور الأربعة: النكال والجحيم والطعام الذي يغص به والعذاب الأليم، والمراد به سائر أنواع العذاب، وروي أنه ﷺ قرأ هذه الآية فصعق.
(١٣/٢١٧)
وعن الحسن أنه أمسى صائماً فأتي بطعام فعرضت له هذه الآية، فقال: ارفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال: ارفعه، وكذلك الليلة الثالثة فأخبر ثابت البناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء فجاؤوا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق.


الصفحة التالية
Icon