﴿إنّ ربك﴾ أي: المدبر لأمرك على ما يكون إحساناً إليك ورفقاً بك ﴿يعلم أنك تقوم﴾ أي: في الصلاة كما أمرت به أوّل السورة ﴿أدنى﴾ أي: زماناً أقل والأدنى مشترك بين الأقرب والأدون الأنزل رتبة؛ لأنّ كلاً منهما يلزم عنه قلة المسافة. ﴿من ثلثي الليل﴾ وقرأ ﴿ونصفه وثلثه﴾ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي بنصب الفاء بعد الصاد ونصب المثلثة بعد اللام ورفع الهاء فيهما عطف على أدنى والباقون بكسر الفاء والمثلثة وكسر الهاء فيهما عطف على ضمير تقوم وقيامه كذلك مطابق لما وقع التخيير فيه أوّل السورة من قيام النصف بتمامه، أو الناقص منه وهو الثلث، أو الزائد عليه وهو الثلثان، أو الأقل من الأقل من النصف وهو الربع.
(١٣/٢٢٣)
وقوله تعالى: ﴿وطائفة من الذين معك﴾ عطف على ضمير تقوم، وجاز من غير تأكيد للفصل وقيام طائفة من أصحابه كذلك للتأسي به، ومنهم من كان لا يدري كم يصلي من الليل وكم بقي منه، فكان يقوم الليل كله احتياطاً فقاموا حتى انتفخت أقدامهم سنة وأكثر، فخفف عنهم بقوله تعالى: ﴿والله﴾ أي: المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿يقدّر﴾ أي: تقديراً عظيماً هو في غاية التحرير ﴿الليل والنهار﴾ أي: هو العالم بمقادير الليل والنهار، فيعلم القدر الذي تقومون من الليل والذي تنامون منه.
﴿علم أن﴾ مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: أنه ﴿لن تحصوه﴾ أي: الليل لتقوموا فيما يجب القيام فيه إلا بقيام جميعه، وذلك يشق عليكم ﴿فتاب عليكم﴾ أي: رجع بكم إلى التخفيف بالترخص لكم في ترك القيام المقدّر أوّل السورة.
وقوله تعالى: ﴿فاقرؤوا ما تيسر﴾ أي: سهل ﴿من القرآن﴾ فيه قولان:


الصفحة التالية
Icon