ولما كان الإنسان إذا عمل ما يمدح عليه ولا سيما إذا كان المادح له ربه ربما أدركه الإعجاب بين له أنه لا يقدر بوجه على أن يقدر الله تعالى حق قدره فلا يزال مقصراً فلا يسعه إلا العفو، فقال عز من قائل: ﴿واستغفروا الله﴾ أي: اطلبوا وأوجدوا ستر الملك الأعظم الذي لا تحيطون بمعرفته، فكيف بأداء حق خدمته لتقصيركم عيناً وأثراً بفعل ما يرضيه واجتناب ما يسخطه.
﴿إنّ الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿غفور﴾ أي: بالغ الستر لأعيان الذنوب وآثارها حتى لا يكون عنها عقاب ولا عتاب ﴿رحيم﴾ أي: بالغ الإكرام بعد الستر إفضالاً وإحساناً وتشريفاً وامتناناً.
وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري إنّ النبيّ ﷺ قال: «من قرأ سورة المزمّل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة» حديث موضوع.
سورة المدثر
مكية
وهي خمس أو ست وخمسون آية، ومائتان وخمس وخمسون كلمة، وألف وعشرة أحرف
﴿بسم الله﴾ الملك الواحد القهار ﴿الرحمن﴾ الذي عمّ برحمته الأبرار والفجار ﴿الرحيم﴾ الذي خص أصفياءه بما يوصلهم إلى دار القرار.
ولما ختمت المزمّل بالبشارة لأرباب البصارة بعد ما بدئت بالاجتهاد في الخدمة المهيء للقيام بأعباء الدعوة افتتحت هذه بمحط حكمة الرسالة وهي النذارة فقال تعالى:
﴿س٧٤ش١/ش٧ يَا؟أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾
﴿يا أيها المدثر﴾ روي عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أوّل ما نزل من القرآن قال: ﴿يا أيها المدثر﴾. قلت يقولون ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾ (العلق: ١)
(١٣/٢٢٩)