﴿وربك﴾ أي: خاصة ﴿فكبر﴾ أي: عظمه عما يقول عبدة الأوثان وصفه بأنه أكبر من أن تكون له صاحبة أو ولد، وفي الحديث أنهم قالوا بم تفتتح الصلاة؟ فنزل ﴿وربك فكبر﴾ أي: صفه بأنه أكبر. قال ابن العربي: وهذا القول وإن كان يقتضي بعمومه تكبير الصلاة، فإنه يرادفه تكبير التقديس والتنزيه بخلع الأنداد والأصنام دونه ولا يتخذ ولياً غيره ولا يعبد سواه.
وروي أنّ أبا سفيان قال يوم أحد: اعل هبل وهو اسم صنم كان لهم فقال النبي ﷺ قولوا الله أعلى وأجل، وقد صار هذا اللفظ بعرف الشرع في تكبير العبادات كلها أذاناً وصلاة وذكراً يقول: الله أكبر، وحمل عليه لفظ النبيّ ﷺ الوارد على الإطلاق مواردها منها قوله: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم»، والشرع يقتضي بعرفه ما يقتضي بعزمه. ومن موارده أوقات الإهلال بالله تعالى تخليصاً له من الشرك وإعلاماً باسمه بالنسك وإفراداً لما شرع من أمره بالنسك، والمنقول عن النبيّ ﷺ في التكبير في الصلاة هو لفظ الله أكبر.
وقال المفسرون: لما نزل قوله تعالى ﴿وربك فكبر﴾ قام النبيّ ﷺ وقال: «الله أكبر» فكبرت خديجة رضي الله تعالى عنها وفرحت وعلمت أنه وحي من الله تعالى» ذكره القشيري، وقال مقاتل: هو أن يقال الله أكبر وقيل: المراد منه التكبير في الصلاة، واستشكل ذلك على القول بأنها أوّل سورة نزلت، فإنّ الصلاة لم تكن فرضت. وأجيب: بأنه يحتمل أنه ﷺ كان له صلوات تطوّع فأمر أن يكبر فيها.
تنبيه: دخلت الفاء في قوله تعالى ﴿فكبر﴾ وفيما بعده لإفادة معنى الشرط كأنه قيل: وما يكن فكبر ربك أو للدلالة على أنّ المقصود الأوّل من الأمر بالقيام أن يكبر ربه عن الشرك والتشبيه، فإنّ أوّل ما يجب معرفة الصانع، وأوّل ما يجب بعد العلم بوجوده تنزيهه والقوم كانوا مقرّين به.
(١٣/٢٣٣)