﴿وليقول الذين في قلوبهم مرض﴾ أي شك ونفاق وإن قل ونزول هذه السورة قبل وجود المنافقين فهو علم من أعلام النبوّة فإنه إخبار بمكة عما سيكون بالمدينة بعد الهجرة ولا ينكر جعل الله تعالى بعض الأمور علة إصلاح ناس وفساد آخرين؛ لأنه لا يسأل عما يفعل على أن العلة قد تكون مقصودة لشيء بالقصد الأوّل ثم يترتب عليها شيء آخر يكون قصده بالقصد الثاني تقول خرجت من البلد لمخافة الشر ومخافة الشر لا يتعلق بها الغرض.
﴿والكافرون﴾ أي: ويقول الراسخون في الكفر الجازمون بالتكذيب الساترون لما دلت عليه الأدلة من الحق ﴿ماذا﴾ أي: أي شيء ﴿أراد الله﴾ أي: الملك الذي له جميع العظمة ﴿بهذا﴾ أي: العدد القليل في جنب عظمته ﴿مثلاً﴾ قال الجلال المحلي: سموه لغرابته بذلك، وأعرب حالاً. وقال الليث: المثل الحديث ومنه ﴿مثل الجنة التي وعد المتقون﴾ (الرعد: ٣٥)
(١٣/٢٤٩)
أي: حديثها والخبر عنها. وقال الرازي: إنما سموه مثلاً لأنه لما كان هذا العدد عدداً عجيباً ظنّ القوم أنه ربما لم يكن مراد الله تعالى منه ما أشعر به ظاهره، بل جعله مثلاً لشيء آخر وتنبيهاً على مقصود آخر لا جرم سموه مثلاً على سبيل الاستعارة لأنهم لما استغربوه ظنوا أنه ضرب مثلاً لغيره، ومثلاً تمييز أو حال وتسمية هذا مثلاً على سبيل الاستعارة لغرابته.


الصفحة التالية
Icon