وقوله تعالى: ﴿إنها لإحدى الكبر﴾ جواب للقسم أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد، والكبر جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتائها، فلما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها. ونظير ذلك القواصع في جمع القاصعاء كأنها جمع فاعلة، أي: لإحدى البلايا والدواهي الكبر. ومعنى كونها إحداهنّ أنها من بينهنّ واحدة في العظم لا نظير لها، كما تقول: هو أحد الرجال وهي إحدى النساء.
وقوله تعالى: ﴿نذيراً﴾ تمييز من إحدى على معنى أنها لإحدى الدواهي إنذاراً كما تقول هي إحدى النساء عفافاً وقيل: هي حال وقيل: هو متصل بأوّل السورة أي: قم نذيراً ﴿للبشر﴾ قال الزمخشري: وهو من بدع التفاسير.
وقوله تعالى: ﴿لمن شاء﴾ أي: بإرادته ﴿منكم﴾ بدل من البشر ﴿أن يتقدّم﴾ أي: إلى الخير أو إلى الجنة بالإيمان ﴿أو يتأخر﴾ أي: إلى الشر أو النار بالكفر.
﴿كل نفس﴾ أي: ذكر أو أنثى على العموم ﴿بما كسبت﴾ أي: خاصة لا ما كسب غيرها ﴿رهينة﴾ أي: مرهونة مأخوذة وليست بتأنيث رهين في قوله تعالى: ﴿كل امرئ بما كسب رهين﴾ (الطور: ٢١)
لتأنيث النفس لأنه لو قصدت الصفة لقيل: رهين، لأنّ فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم، كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن.
ومنه بيت الحماسة:
(١٣/٢٥٢)

*أبعد الذي بالنعف تعف كويكب رهينة رمس ذي تراب وجندل*
كأنه قال: والمعنى كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك.


الصفحة التالية
Icon