﴿وكنا نخوض﴾ أي: نوجد الكلام الذي هو في غير مواقعه ولا علم لنا به إيجاد المشي من الخائض في ماء غمر ﴿مع الخائضين﴾ بحيث صار لنا هذا وصفاً راسخاً، فنقول في القرآن: إنه سحر، وإنه شعر، وإنه كهانة، وغير هذا من الأباطيل لا نتورّع عن شيء من ذلك ولا نقف مع عقل ولا نرجع إلى صحيح نقل، فليأخذ الذين يبادرون إلى الكلام في كل ما يسألون عنه من أنواع العلم من غير تثبت منزلتهم من هنا.
﴿وكنا نكذب﴾ أي: بحيث صار ذلك وصفاً ثابتاً ﴿بيوم الدين﴾ أي: بيوم البعث والجزاء.
﴿حتى أتانا اليقين﴾ أي: الموت أو مقدّماته الذي قطعنا عن دار العمل. قال الله تعالى ﴿حتى يأتيك اليقين﴾ (الحجر: ٩٩)
فإن قيل: لم أخر التكذيب وهو أخس الخصال الأربع؟ أجيب: بأنهم بعد اتصافهم بتلك الأمور الثلاثة كانوا مكذبين بيوم الدين، والغرض تعظيم الذنب كقوله تعالى: ﴿كان من الذين آمنوا﴾. ولما أقرّوا على أنفسهم بما أوجب العذاب الدائم فكانوا ممن فسد مزاجه فتعذر علاجه سبب عنه قوله تعالى:
﴿س٧٤ش٤٨/ش٥٦ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَة؟ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِى؟ٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً * كَs؟ بَل s يَخَافُونَ ا؟خِرَةَ * كَ؟ إِنَّهُ؟ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ؟ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِ؟ أَن يَشَآءَ اللَّهُ؟ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾
﴿فما تنفعهم﴾ أي: في حال اتصافهم بهذه الصفات ﴿شفاعة الشافعين﴾ أي: لا شفاعة لهم فلا انتفاع بها، وليس المراد أن ثم شفاعة غير نافعة. كقوله تعالى: ﴿ولا يشفعون إلا لمن ارتضى﴾ (الأنبياء: ٢٨)
(١٣/٢٥٤)