وقيل: نزلت في عدي بن ربيعة حليف بني زهرة خال الأخنس بن شريق الثقفي وذلك أن عدياً أتى النبيّ ﷺ فقال: يا محمد حدّثني عن القيامة متى تقوم؟ وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبيّ ﷺ بذلك فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن بك، أَوَ يجمع الله العظام بعد تفرّقها ورجوعها رميماً ورفاتاً مختلطاً بالتراب وبعد ما نسفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض ولهذا كان النبيّ ﷺ يقول: «اللهمّ اكفني جاري السوء عدي بن ربيعة والأخنس بن شريق» وقيل: نزلت في عدوّ الله أبي جهل أنكر البعث بعد الموت وذكر العظام، والمراد نفسه كلها لأنّ العظام قالب الخلق.
تنبيه: ألن هنا موصولة وليس بين الهمزة واللام نون في الرسم كما ترى.
(١٣/٢٦١)
وقوله تعالى: ﴿بلى﴾ إيجاب لما بعد النفي المنسحب عليه الاستفهام وهو وقف حسن، ثم يبتدئ بقوله تعالى: ﴿قادرين﴾ وقيل: المعنى: بل نجمعها قادرين مع جمعها ﴿على أن نسوي بنانه﴾ أي: أصابعه وسلامياته وهي عظامه الصغار التي في يده، خصها بالذكر لأنها أطرافه وآخر ما يتم به خلقه أي: نجمع بعضها على بعض على ما كانت عليه قبل الموت لأنا قدرنا على تفصيل عظامه وتفتيتها، فنقدر على جمعها وتوصيلها، وقدرنا على جمع صغار العظام فنحن على جمع كبارها أقدر، وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: على أن نسوي بنانه أي: نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخف البعير أو كحافر الحمار أو كظلف الخنزير، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً، ولكنا فرّقنا أصابعه حتى يفعل بها ما شاء. وقيل: نقدر أن نصير الإنسان في هيئة البهائم فكيف في صورته التي كان عليها وهو كقوله تعالى: ﴿وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون﴾ (الواقعة: ٦٠ ـ ٦١)


الصفحة التالية
Icon