فوصف السبيل بالشكر والكفر مجازاً، وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ ﷺ قال: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» الحديث، وعن جابر رضي الله عنه: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه إمّا شاكراً وإمّا كفوراً».
ولما قسمهم إلى قسمين ذكر جزاء كل فريق فقال تعالى:
﴿إنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿أعتدنا﴾ أي: هيأنا وأحضرنا بشدّة وغلظة ﴿للكافرين﴾ أي: العريقين في الكفر خاصة وقدم الأسهل في العذاب فالأسهل فقال تعالى: ﴿سلاسلا﴾ جمع سلسلة أي: يقادون ويوثقون بها ﴿وأغلالاً﴾ أي: في أعناقهم تشد فيها السلاسل فتجمع أيديهم إلى أعناقهم ﴿وسعيراً﴾ أي: ناراً حامية جداً شديدة الاتقاد.
(١٣/٢٨٢)
وقرأ نافع وهشام وشعبة والكسائي سلاسلاً وصلاً بالتنوين والباقون بغير تنوين وأما الوقف على الثانية فوقف عليها بغير ألف قنبل وحمزة، ووقف البزي وابن ذكوان وحفص بغير ألف وبالألف، ووقف الباقون بالألف ولا وقف على الأولى والرسم بالألف. أمّا من نوّن سلاسل فوجه بأوجه منها أنه قصد بذلك التناسب لأنّ ما قبله وما بعده منوّن منصوب. ومنها أن الكسائي وغيره من أهل الكوفة حكوا عن بعض العرب أنهم يصرفون جميع ما لا ينصرف إلا أفضل منك. وقال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف كل ما لا ينصرف لأنّ الأصل في الأسماء الصرف وترك الصرف لعارض فيها. وروي عن بعضهم أنه يقول: رأيت عمراً بالألف يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأيضاً هذا الجمع قد جمع وإن كان قليلاً، قالوا صواحب وصواحبات. وفي الحديث: «إنكن صواحبات يوسف» ومنها أنه مرسوم في الإمام أي: مصحف الحجاز والكوفة بالألف، رواه أبو عبيدة ورواه قالون عن نافع، وروى بعضهم ذلك عن مصاحف البصرة أيضاً.


الصفحة التالية
Icon