والكفارة تغطية الإثم في اليمين الفاجرة والنذور الكاذبة بالمغفرة، والكافور: ماء جوف الشجر مكفور فيغرزونه بالحديد فيخرج إلى ظاهر الشجر فيضربه الهواء فيجمد وينعقد كالصمغ الجامد على الأشجار.
فإن قيل: مزج الكافور بالمشروب لا يكون لذيذاً فما السبب في ذكره؟ أجيب: بأوجه:
أحدها: قال ابن عباس رضي الله عنهما: الكافور اسم عين في الجنة يقال لها عين الكافور، أي: يمازجها ماء هذه العين التي تسمى كافوراً في بياض الكافور ورائحته وبرده ولكن لا يكون فيه طعمه ولا مضرّته.
(١٣/٢٨٤)
ثانيها: أنّ رائحة الكافور عرض، والعرض لا يكون إلا في جسم فخلق الله تعالى تلك الرائحة في جرم ذلك الشراب، فسمي ذلك الجسم كافوراً وإن كان طعمه طيباً فيكون الكافور ريحها لا طعمها.
ثالثها: أنّ الله تعالى يخلق الكافور في الجنة مع طعم طيب لذيذ ويسلب عنه ما فيه من المضرّة، ثم إنه تعالى يمزجه بذلك الشراب كما أنه تعالى يسلب عن جميع المأكولات والمشروبات ما معها في الدنيا من المضارّ وقال سعيد عن قتادة رضي الله عنهم: يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك. وقيل: يخلق فيها رائحة الكافور وبياضه فكأنها مزجت بالكافور.
وقوله تعالى: ﴿عيناً﴾ في نصبه أوجه: أحدها: أنه بدل من ﴿كافوراً﴾ لأنّ ماءها في بياض الكافور وفي رائحته وبرده واقتصر على هذا الجلال المحلي.
الثاني: أنه بدل من محل ﴿من كأس﴾ قاله مكي ولم يقدّر حذف مضاف، وقدّر الزمخشري على هذا الوجه حذف مضاف، قال: كأنه قيل: يشربون خمراً خمر عين. الثالث: أنه نصب على الاختصاص قاله الزمخشري. الرابع: أنه بإضمار أعني قاله القرطبي، وقيل: غير ذلك.
﴿يشرب بها﴾ قال الجلال المحلي: منها. وقال البقاعي: أي: بمزاجها. وقال الزمخشري: بها الخمر، قال: كما تقول شربت الماء بالعسل والأوّل أوضح. ﴿عباد الله﴾ أي: أولياؤه.