ثم عللوا قولهم هذا على وجه التأكيد بقولهم ﴿إنا نخاف من ربنا﴾ أي: الخالق لنا المحسن إلينا ﴿يوماً﴾ أي: أهوال يوم هو في غاية العظمة وبينوا عظمته بقولهم ﴿عبوساً﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: ووصف اليوم بالعبوس مجاز على طريقين أن يوصف بصفة أهله من الأشقياء كقولك: نهارك صائم روي أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وأن يشبه في شدّته وضرره بالأسد العبوس أو بالشجاع الباسل.
﴿قمطريراً﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: طويلاً. وقال مجاهد وقتادة رضي الله عنهم: القمطرير الذي يقبض الوجوه والجباه بالتعبس. وقال الكلبي: العبوس الذي لا انبساط فيه والقمطرير الشديد وقال الأخفش: القمطرير أشدّ ما يكون من الأيام وأطوله في البلاد يقال يوم قمطرير وقماطير إذا كان شديداً كريهاً.
ولما كان فعلهم هذا خالصاً لله تعالى سبب عنه جزاءهم فقال تعالى: ﴿فوقاهم الله﴾ أي: الملك الأعظم بسبب خوفهم ﴿شر ذلك اليوم﴾ أي: العظيم ولا بدّ لهم من نعيم ظاهر وباطن ومسكن يقيمون فيه وملبس وقد أشار إلى الأوّل بقوله تعالى: ﴿ولقاهم﴾ أي: أعطاهم ﴿نضرة﴾ أي: حسناً دائماً في وجوههم، وأشار إلى الثاني بقوله تعالى: ﴿وسروراً﴾ أي: في قلوبهم دائماً في مقابلة خوفهم في الدنيا.
(١٣/٢٨٩)


الصفحة التالية
Icon