وقوله تعالى: ﴿عيناً فيها﴾ أي: الجنة بدل من زنجبيلاً وكون الزنجبيل عيناً فيه خرق للعوائد؛ لأنّ الزنجبيل عندنا شجر يحتاج في تناوله إلى علاج، فبين أنه هناك عين لا يحتاج في صيرورته زنجبيلاً إلى أن تحيله الأرض بتخميره فيها حتى يصير شجراً ليتحوّل عن طعم الماء إلى طعم الزنجبيل ﴿تسمى﴾ أي: تلك العين لسهولة إساغتها ولذة طعمها وسموّ وصفها ﴿سلسبيلاً﴾ والمعنى: أن ماء تلك العين كالزنجبيل الذي تلتذ به العرب سهل المساغ في الحلق، فليس هو كزنجبيل الدنيا يلذع في الحلق فتصعب إساغته. والسلسبيل والسلسل والسلسال ما كان من الشراب غاية في السلاسة زيدت فيه الباء زيادة في المبالغة في هذا المعنى، وقال مقاتل وابن حبان رضي الله عنهما: سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنان. قال البغوي: وشراب الجنة في برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك من غير لذع. وقال مقاتل رضي الله عنه: يشربها المقربون صرفاً وتمزج لسائر أهل الجنة.
ولما ذكر تعالى المطوف به لأنه الغاية المقصودة وصف الطائف لما في طوافه من العظمة المشهودة بقوله تعالى.
(١٣/٢٩٦)
﴿ويطوف عليهم﴾ أي: بالشراب وغيره من الملاذ والمحاب ﴿ولدان﴾ أي: غلمان هم في سن من هو دون البلوغ؛ لأنّ الفقهاء قالوا:
الناس غلمان وصبيان وأطفال وذراري إلى البلوغ ثم هم بعد البلوغ شبان وفتيان إلى الثلاثين، ثم هم بعدها كهول إلى الأربعين ثم بعدها شيوخ واستنبط بعضهم ذلك من القرآن في حق بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قال الله تعالى في حق يحيى: ﴿وآتيناه الحكم صبياً﴾ (مريم: ١٢)
وفي حق عيسى: ﴿يكلم الناس في المهد وكهلاً﴾ (آل عمران: ٤٦)
وعن إبراهيم: ﴿قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم﴾ (الأنبياء: ٦٠)
وعن يعقوب: ﴿إنّ له اباً شيخاً كبيراً﴾ (يوسف: ٧٨)


الصفحة التالية
Icon