*دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم | بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى* |
قال الترمذيّ: وهذا القول ضعيف ومحال في اللغة أن يكون من يشوبه شيء قليل، فينسب كله إلى ذلك الشائب، فالعجب ممن قد قال هذا. وقد قال الله تعالى: ﴿جمالات صفر﴾ فلا نسلم من هذا شيئاً في اللغة. وقيل: شبه الشرر بالجمالات لسرعة سيرها، وقيل: لمتابعة بعضها بعضاً.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ يكون ذلك ﴿للمكذبين﴾ أي: بهذه الأمور العظام.
﴿هذا﴾ أي: يوم القيامة ﴿يوم لا ينطقون﴾ أي: بشيء من فرط الدهشة والحيرة، وهذا نوع آخر من أنواع تخويف الكفار بين أنه ليس لهم عذر ولا حجة فيما أتوا به من القبائح وهذا في بعض المواقف، فإنّ يوم القيامة يوم طويل ذو مواطن ومواقيت ينطقون في وقت ولا ينطقون في وقت، ولذلك ورد الأمر أن في القرآن الكريم ففي بعضها يختصمون ويتكلمون، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون.
وروى عكرمة أنّ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما سأله ابن الأزرق عن قوله تعالى: ﴿هذا يوم لا ينطقون﴾ و﴿لا تسمع إلا همساً﴾ (طه: ١٠٨)
و ﴿أقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ (الصافات: ٢٧)
(١٣/٣١٧)
فقال: إنّ الله تعالى يقول: ﴿وإنّ يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون﴾ (الحج: ٤٧)
فإنّ لكل مقدار من هذه الأيام لوناً من هذه الألوان. وقال الحسن: فيه إضمار أي: هذا يوم لا ينطقون فيه بحجة نافعة، فجعل نطقهم كلا نطق لأنه لا ينفع ولا يسمع، ومن نطق بما لا ينفع فكأنه ما نطق كما يقال لمن تكلم بكلام لا يفيد: ما قلت شيئاً. وقيل: إنّ هذا وقت جوابهم ﴿اخسؤوا فيها ولا تكلمون﴾ (المؤمنون: ١٠٨)
﴿ولا يؤذن لهم﴾ أي: في العذر وقوله تعالى: ﴿فيعتذرون﴾ عطف على يؤذن من غير تسبب عنه فهو داخل في حيز النفي أي: لا إذن فلا اعتذار.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ كان هذا الموقف ﴿للمكذبين﴾ أي: الذين لا تقبل منهم معذرة.