﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿كذلك﴾ أي: كما جزينا المتقين هذا الجزاء العظيم ﴿نجزي المحسنين﴾ أي: نثيب الذين أحسنوا في تصديقهم بمحمد ﷺ وأعمالهم في الدنيا.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ يكون هذا النعيم للمتقين المحسنين ﴿للمكذبين﴾ أي: يمحض لهم العذاب المخلد ضدّ النعيم المؤبد.
(١٣/٣١٩)
وقوله تعالى: ﴿كلوا وتمتعوا﴾ خطاب للكفار في الدنيا ﴿قليلاً﴾ أي: من الزمان وغايته إلى الموت وهو زمان قليل لأنه زائل مع قصر مدّته في زمن الآخرة وفي هذا تهديد لهم، ويجوز أن يكون ذلك خطاباً لهم في الآخرة إيذاناً بأنهم كانوا في الدنيا أحقاء بأن يقال لهم، وكانوا من أهله تذكيراً بحالهم السمجة بما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم والملك الخالد، وهذا ما جرى عليه الزمخشري أوّلاً وذكر الأول ثانياً، واقتصر الجلال المحلي على ما ذكرته أولاً وهو أولى. قال بعض العلماء: التمتع بالدنيا من أفعال الكافرين، والسعي لها من أفعال الظالمين، والاطمئنان إليها من أفعال الكاذبين، والسكون فيها على حد الإذن، والأخذ منها على قدر الحاجة من أفعال عوام المؤمنين، والإعراض عنها من أفعال الزاهدين، وأهل الحقيقة أجل خطراً من أن يؤثر فيهم حب الدنيا وبغضها وجمعها وتركها.
ثم علل ذلك مؤكداً بقوله تعالى لأنهم ينكرون وصفهم بذلك: ﴿إنكم مجرمون﴾ ففيه دلالة على أنّ كل مجرم يتمتع أياماً قلائل، ثم البقاء في الهلاك أبداً.
﴿ويل يومئذ﴾ أي: إذ تعذبون بإجرامكم ﴿للمكذبين﴾ حيث عرّضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل.
(١٣/٣٢٠)


الصفحة التالية
Icon