﴿فإذا هم﴾ أي: فتسبب عن تلك النفخة وهي الثانية أن كل الخلائق ﴿بالساهرة﴾ أي: صاروا على وجه الأرض بعدما كانوا في جوفها. والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة، قال بعض أهل اللغة: تراهم سموها ساهرة لأنّ فيها نوم الحيوان وسهرهم. قال سفيان رضي الله عنه: هي أرض الشام، وقال قتادة رضي الله عنه: هي جهنم.
فإن قيل: بم يتعلق ﴿فإنما هي زجرة واحدة﴾؟ أجيب: بأنه متعلق بمحذوف معناه لا تستصعبوها ﴿فإنما هي زجرة واحدة﴾ يعني: لا تحسبوا تلك الكرّة صعبة على الله تعالى، فإنها سهلة هينة في قدرته تعالى.
وقال الزمخشري: الساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك، لأنّ السراب يجري فيها من قولهم: عين ساهرة أي: جارية الماء وفي ضدها نائمة. قال الأشعث بن قيس:

*وساهرة يضحى السراب مجللاً لأقطارها قد جبتها متلثما*
أو لأنّ سالكها لا ينام خوف الهلكة. وقال الراغب: هي وجه الأرض. وقيل: أرض القيامة، وحقيقتها التي يكثر الوطء بها كأنها سهرت من ذلك، والأسهران عرقان في الأنف، والساهور غلاف القمر الذي يدخل فيه عند كسوفه. وروى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الساهرة أرض من فضة لم يعص الله عليها قط جعلها حينئذ، وقيل: الساهرة اسم للأرض السابعة يأتي بها الله تعالى فيحاسب عليها الخلائق، وذلك حين تبدّل الأرض غير الأرض وقال وهب بن منبه: جبل بيت المقدس. وقال عثمان بن أبي العاتكة: إنه اسم مكان من الأرض بعينه بالشأم، وهو الصقع الذي بين جبل أريحاء وجبل حسان يمدّه الله تعالى كيف شاء.
ثم إنّ الله تعالى سلى نبيه ﷺ بقوله تعالى:
(١٣/٣٤٣)


الصفحة التالية
Icon