وقوله تعالى: ﴿فقل﴾ أي: له ﴿هل لك﴾ أي: هل لك سبيل ﴿إلى أن تزكى﴾ أي: تتطهر من الكفر والطغيان. قال ابن عباس رضي الله عنهما: بأن تشهد أن لا إله إلا الله. وقال أبو البقاء: لما كان المعنى أدعوك جاء بإلى، وقال غيره: يقال هل لك في كذا، وهل لك إلى كذا كما تقول: هل ترغب فيه وهل ترغب إليه. وقرأ نافع وابن كثير بتشديد الزاي، والأصل تتزكى والباقون بتخفيفها.
﴿وأهديك إلى ربك﴾ أي: وأنبهك على معرفة المحسن إليه ﴿فتخشى﴾ لأنّ الخشية لا تكون إلا بالمعرفة قال الله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (فاطر: ٢٨)
أي: العلماء به، وذكر الخشية لأنها ملاك الأمر من خشي الله تعالى أتى منه كل خير، ومن أمن اجترأ على كل شرّ. ومنه قوله ﷺ «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل» بدأ بمخاطبته بالاستفهام الذي معناه العرض كما يقول الرجل لضيفه: هل لك أن تنزل بنا، وأردفه الكلام الرفيق ليستدعيه للتلطف في القول ويستنزله بالمداراة من علوه كما أمر بذلك في قوله تعالى: ﴿فقولا له قولاً ليناً﴾ (طه: ٢٥)
الآية. وقال الرازي: سائر الآيات تدل على أنه تعالى لما نادى موسى عليه السلام ذكر له أشياء كثيرة ﴿نودي إني أنا ربك﴾ إلى قوله تعالى: ﴿لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون إنه طغى﴾ (طه: ١٢ ـ ٢٤)
فدل قوله تعالى: ﴿اذهب إلى فرعون إنه طغى﴾ أنه من جملة ما ناداه به لا كل ما ناداه به، وأيضاً فليس الغرض أنه عليه السلام كان مبعوثاً إلى فرعون فقط، بل إلى كل من كان في الطور إلا أنه خصه بالذكر لأنّ دعوته جارية مجرى كل القوم.
والفاء في قوله تعالى: ﴿فأراه﴾ عاطفة على محذوف يعني: فذهب فأراه ﴿الآية الكبرى﴾ كقوله تعالى: ﴿اضرب بعصاك الحجر فانفجرت﴾ (البقرة: ٦٠)
(١٣/٣٤٥)
أي: فضرب فانفجرت.