﴿إنما أنت﴾ أي: يا أشرف الرسل ﴿منذر﴾ أي: إنما بعثت لإنذار ﴿من يخشاها﴾ أي: لتخويف من يخاف هولها، وهو لا يناسب تعيين الوقت وتخصيص من يخشى؛ لأنه المنتفع به، أي: إنما ينفع إنذارك من يخافها وإن كنت منذر الكل مكلف.
(١٣/٣٥٣)
﴿كأنهم﴾ قال البغوي: يعني: كفار قريش ﴿يوم يرونها﴾ أي: يعلمون قيام الساعة علماً هو كالرؤية ويرون ما يحدث فيها بعد سماع الصيحة وقيامهم من القبور مع علمهم بما مرّ من زمانهم وما أتى فيه ﴿لم يلبثوا﴾ أي: في الدنيا أو في القبور ﴿إلا عشية﴾ أي: من الزوال إلى غروب الشمس ﴿أو ضحاها﴾ أو ضحى عشية من العشايا وهو البكرة إلى الزوال، والعشية بعد ذلك أضيف إليها الضحى؛ لأنها من النهار، والإضافة تحصل بأدنى ملابسة، وهي هنا كونهما من نهار واحد، فالمراد ساعة من نهار من أوّله أو آخره لم يستكملوا نهاراً تامّاً، ولم يجمعوا بين طرفيه، وهذا كما قال ﷺ «ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع».
فإن قيل: هلا قال: إلا عشية أو ضحى، وما فائدة الإضافة؟ أجيب: بأنّ ذلك للدلالة على أنّ مدة لبثهم كأنها لم تبلغ يوماً كاملاً، ولكن ساعة منه عشيته أو ضحاه، فلما ترك اليوم أضافه على عشيته فهو كقوله تعالى: ﴿لم يلبثوا إلا ساعة من نهار﴾ (الأحقاف: ٣٥)
وحسن الإضافة وقوع الكلمة فاصلة.
تنبيه: قرأ ﴿حديث موسى﴾، ﴿طوى﴾، ﴿طغى﴾، ﴿تزكى﴾، ﴿فتخشى﴾، ﴿وعصى﴾، ﴿يسعى﴾، ﴿فنادى﴾، ﴿الأعلى﴾، ﴿والأولى﴾، ﴿يخشى﴾، ﴿ما سعى﴾، ﴿طغى﴾، ﴿الدنيا﴾، ﴿المأوى﴾، ﴿عن الهوى﴾، ﴿المأوى﴾، حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وورش وأبو عمرو بين وبين، وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين. وقرأ ﴿فأراه الآية الكبرى﴾، ﴿الطامّة الكبرى﴾ ﴿لمن يرى﴾، ﴿من ذكراها﴾، أبو عمرو وحمزة والكسائي بالإمالة محضة، وقرأ ورش بين اللفظين والباقون بالفتح في الجميع.


الصفحة التالية
Icon