وقوله تعالى: ﴿لمن شاء منكم﴾ بدل من العالمين بإعادة الجار ﴿أن يستقيم﴾ باتباع الحق. قال أبو جهل: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم، وهذا هو القدر وهو رأس القدرية فنزل ﴿وما تشاؤون﴾ الاستقامة على الحق ﴿إلا أن يشاء الله﴾ أي: إلا وقت أن يشاء الملك الأعظم الذي بيده كل شيء مشيئتكم الاستقامة عليه ﴿رب العالمين﴾ أي: مالك الخلق. وفي هذا إعلام أنّ أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله تعالى، ولا شراً إلا بخذلانه. ونقل البغوي في أوّل السورة بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما: أنه ﷺ قال: «من أحب أن ينظر في يوم القيامة فليقرأ ﴿إذا الشمس كوّرت﴾».
وأمّا قول البيضاوي تبعاً للزمخشري إنه ﷺ قال: «من قرأ سورة التكوير أعاذه الله أن يفضحه حسن تنشر صحيفته». فحديث موضوع.
سورة الانفطار
مكية
وهي تسع عشرة آية وثمانون كلمة وثلاثمائة وسبعة وعشرون حرفاً
(١٣/٣٧٨)
﴿بسم الله﴾ الذي خلق كل شيء فقدّره تقديراً ﴿الرحمن﴾ الذي دبر الكائنات تدبيراً ﴿الرحيم﴾ الذي أرسل رسوله للخلق نذيراً.
﴿إذا السماء﴾ أي: على شدّة إحكامها واتساقها وارتفاعها ﴿انفطرت﴾ أي: انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى: ﴿ويوم تشقق السماء بالغمام﴾ (الفرقان: ٢٥)
﴿وإذا الكواكب﴾ أي: النجوم الصغار والكبار كلها الغراء الزاهرة المتوقدة توقد النار المرصعة ترصيع المسامير ﴿انتثرت﴾ أي: تساقطت متفرّقة؛ لأنّ عند انتقاض تركيب السماء تنتثر النجوم على الأرض.
﴿وإذا البحار﴾ المتفرّقة في الأرض وهي ضابطة لها أتم ضبط لنفع العباد على كثرتها ﴿فجرت﴾ أي: فتح بعضها في بعض فاختلط العذب بالملح وزال البرزخ الذي بينها فصارت البحار بحراً واحداً وروي أنّ الأرض تنشف الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية. وهو معنى التسجير عند الحسن في قوله تعالى: ﴿وإذا البحار سجرت﴾ (التكوير: ٦٠)
وقال هنا: فجرت بغت.


الصفحة التالية
Icon