قيل: جاء عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في نفر من المسلمين فسخروا منه المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع وضحكوا منه، فنزلت قبل أن يصل عليّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم
﴿وإذا انقلبوا﴾ أي: رجع الذين أجرموا برغبتهم في الرجوع وإقبالهم عليه من غير تكرّه ﴿إلى أهلهم﴾ أي: منازلهم التي هي عامرة بجماعتهم. وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم، وأبو عمرو بكسر الهاء، والباقون بكسر الهاء وضم الميم ﴿انقلبوا﴾ حالة كونهم ﴿فاكهين﴾ أي: متلذذين بما كان من مكنتهم ورفعتهم التي أوصلتهم إلى الاستسخار بغيرهم، قال ابن برجان: روي عنه عليه الصلاة والسلام: «إن الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ» «يكون القابض على دينه كالقابض على الجمر» وفي أخرى: «يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة» وفي أخرى: «العالم فيهم أنتن من جيفة حمار فالله المستعان». وقرأ حفص بغير ألف بين الفاء والكاف والباقون بالألف، قيل هما بمعنى، وقيل: فكهين فرحين وفاكهين ناعمين. وقيل: فاكهين أصحاب فاكهة ومزاح.
﴿وإذا رأوهم﴾ أي: رأى المجرمون المؤمنين ﴿قالوا﴾ أي: المجرمون ﴿إنّ هؤلاء﴾ أي: المؤمنين ﴿لضالون﴾ أي: لإيمانهم بمحمد ﷺ يرون أنهم على شيء، وهم على ضلال في تركهم التنعيم الحاضر بسبب شيء لا يدرى هل له وجود أم لا؟
(١٣/٣٩٨)
قال الله تعالى: ﴿وما﴾ أي: والحال أنهم ما ﴿أرسلوا﴾ أي: الكفار ﴿عليهم﴾ أي: على المؤمنين ﴿حافظين﴾ أي: موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم ويهيمنون على أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم، وهذا تهكّم بهم. وقيل: هو من جملة قول الكفار، وأنهم إذا رأوا المسلمين قالوا: إنّ هؤلاء لضالون، وأنهم لم يرسلوا عليهم حافظين، إنكار لصدّهم إياهم عن الشرك ودعائهم إلى الإسلام، وجدّهم في ذلك.


الصفحة التالية
Icon