﴿وإذا الأرض﴾ أي: على ما لها من الصلابة ﴿مدّت﴾ أي: زيد في سعتها كمدّ الأديم ولم يبق عليها بناء ولا جبل، كما قال تعالى: ﴿قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمّتا﴾ (طه: ١٠٦ ـ ١٠٧)
وعن ابن عباس مدّت مدّ الأديم العكاظيّ لأنّ الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وأمت واستوى.
﴿وألقت﴾ أي: أخرجت ﴿ما فيها﴾ من الكنوز والموتى كقوله تعالى: ﴿وأخرجت الأرض أثقالها﴾ (الزلزلة: ٢١)
. ﴿وتخلت﴾ أي: خلت منها حتى لم يبق في بطنها شيء، وذلك يؤذن بعظم الأمر كما تلقي الحامل ما في بطنها عند الشدّة، ووصفت الأرض بذلك توسعاً وإلا فالتحقيق أنّ الله تعالى هو المخرج لتلك الأشياء من الأرض.
(١٣/٤٠١)
وقوله تعالى: ﴿وأذنت لربها وحقت﴾ تقدّم تفسيره، وهذا ليس بتكرار لأنّ الأول في السماء وهذا في الأرض، وتقدّم جواب إذا. ومن جملة ما قيل فيه: وما عطف عليه أنه محذوف دل عليه ما بعده، تقديره: لقي الإنسان عمله وذلك كله يوم القيامة. واختلف في الإنسان في قوله تعالى:
﴿يا أيها الإنسان﴾ أي: الآنس بنفسه الناسي لأمر ربه ﴿إنك كادح﴾ فقيل: المراد جنس الإنسان كقولك: يا أيها الرجل، فكأنه خطاب خص به أحد من الناس. قال القفال: وهو أبلغ من العموم؛ لأنه قائم مقام التنصيص على مخاطبة كل واحد منهم على التعيين بخلاف اللفظ العامّ. وقيل: المراد منه رجل بعينه، فقيل: هو محمد ﷺ والمعنى: إنك كادح في إبلاغ رسالات الله تعالى وإرشاد عباده وتحمل الضرر من الكفار، فأبشر فإنك تلقى الله تعالى بهذا العمل. وقال ابن عباس: هو أبيّ بن خلف وكدحه هو جدّه واجتهاده في طلب الدنيا، وإيذاء النبيّ ﷺ والإصرار على الكفر. والكدح: جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها من كدح جلده إذا خدشه.


الصفحة التالية
Icon