واختلف في جواب القسم فقال الجلال المحلي: جواب القسم محذوف صدره أي: لقد ﴿قتل﴾ أي: لعن ﴿أصحاب الأخدود﴾ وقال الزمخشري: محذوف ويدل عليه قوله: ﴿قتل أصحاب الأخدود﴾ وكأنه قيل: أقسم بهذه الأشياء أنهم ملعونون يعني: كفار قريش كما لعن أصحاب الأخدود، فإنّ السورة وردت لتثبيت المؤمنين على أذاهم وتذكيرهم بما جرى على من قبلهم. واستظهر هذا البيضاوي. والأخدود: هو الشق المستطيل في الأرض كالنهر، وجمعه أخاديد، واختلف فيهم فعن صهيب أنّ رسول الله ﷺ قال: «كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليّ غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً، وكان في طريقه إذا سلك إليه راهب فقعد إليه، وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب فقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه وإذا رجع قعد إلى الراهب وسمع كلامه، فإذا أتى أهله ضربوه فشكا إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر،. فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الراهب أفضل أم الساحر فأخذ حجراً ثم قال: اللهمّ إن كان أمر الراهب أحبّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى تمضي الناس فرماها فقتلها فمضى الناس فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي: بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبلى فإن ابتليت فلا تدل عليّ فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس الملك وكان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال: هذا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فإن آمنت به دعوت الله تعالى فشفاك فآمن بالله فشفاه الله تعالى، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي.
(١٣/٤٠٩)


الصفحة التالية
Icon