وقيل: عَظِّمْ ربك ﴿الأعلى﴾ والاسم زائد كما مرّ، قصد به تعظيم المسمى، وذكر الطبري أن المعنى: نزه اسم ربك الأعلى عن أن تسمي به أحداً سواه. وقيل: نزه تسمية ربك وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم لذكره وقال الرازي: معنى ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ أي: نزِّهْهُ عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه. أما في ذاته فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض، وأما في صفاته فأن تعتقد أنها ليست محدثة ولا متناهيةٌ ولا ناقصة، وأما في أفعاله فأن تعتقد أنه سبحانه مالك مطلق لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور، وأما في أسمائه فأن لا تذكره سبحانه إلا بالأسماء التي لا توهم نقصاً بوجهٍ من الوجوه، سواءٌ ورد الإذن فيها أم لم يرد، وأما في أحكامه سبحانه فأن تعلم أنه ما كلفنا لنفع يعود إليه بل لمحض المالكية. قال البغوي: ويحتج بهذا من يجعل الاسم والمسمى واحد، لأنّ أحداً لا يقول سبحان الله. و سبحان اسم ربنا إنما يقول: سبحان الله وسبحان ربنا. فكان معنى: ﴿سبح اسم ربك﴾ اه. وكون الاسم عين المسمى أو غيره قد ذكرتها في مقدّمتي على البسملة والحمدلة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: سبح أي: صل بأمر ربك. وذهب جماعة من الصحابة والتابعين على أنّ المراد قل: سبحان ربي الأعلى، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنّ النبيّ ﷺ قرأ ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ فقال: «سبحان ربي الأعلى». وعن عقبة بن عامر «أنه لما نزلت ﴿فسبح باسم ربك العظيم﴾ (الواقعة: ٧٤)
(١٣/٤٢٨)
قال لنا رسول الله ﷺ «اجعلوها في ركوعكم»
. ولما نزل ﴿سبح اسم ربك الأعلى ﴾قال: اجعلوها في سجودكم». وروي أنه ﷺ كان يقول ذلك. وروي «أنّ أوّل من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل».
ولما أمر تعالى بالتسبيح فكان سائلاً قال: الاشتغال بالتسبيح إنما يكون بعد المعرفة فما الدليل على وجود الرب تعالى؟


الصفحة التالية
Icon