أي: الذكر للأنثى. وقال عطاء: جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له. وقيل: قدّر أقواتهم وأرزاقهم وهداهم لمعاشهم إن كانوا أناساً، ولمراعيهم إن كانوا وحوشاً. وقال السدّي: قدّر مدّة الجنين في الرحم ثم هداه إلى الخروج من الرحم، ومن ذلك هدايات الإنسان إلى مصالحه من أغذيته وأدويته وأمور دنياه ودينه، وإلهامات البهائم والطيور وهوام الأرض إلى معايشها ومصالحها.
يقال: إن الأفعى إذا أتى عليها ألف سنة عميت، وقد ألهمها الله تعالى أن تمسح عينيها بورق الرازيانج الغض فيردّ إليها بصرها، فربما كانت في برية بينها وبين الريف مسيرة أيام فتطوي تلك المسافة على طولها وعماها حتى تهجم في بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها، فتحك بها عينيها فترجع باصرة بإذن الله تعالى.
وقيل: ﴿فهدى﴾ أي: دلهم بأفعاله على توحيده، وكونه عالماً قادراً، والاستدلال بالخلق والهداية معتمد الأنبياء، قال إبراهيم عليه السلام ﴿الذي خلقني فهو يهدين﴾ (الشعراء: ٧٨)
وقال موسى عليه السلام لفرعون: ﴿ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى﴾ (طه: ٥٠)
ولما ذكر سبحانه ما يختص بالناس اتبعه ما يختص بالحيوان فقال تعالى:
﴿والذي أخرج المرعى﴾ أي: أنبت ما ترعاه الدواب. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المرعى الكلأ الأخضر.
(١٣/٤٣٠)
﴿فجعله﴾ أي: بعد أطوار من زمن إخراجه بعد خضرته ﴿غثاء﴾ أي: جافاً هشيماً ﴿أحوى﴾ أي: أسود يابساً. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون أحوى حالاً من المرعى أي: أخرجه أحوى أي: أسود من شدّة الخضرة والري فجعله غثاء بعد حويه. وقال ابن زيد: هذا مثل ضربه الله تعالى للكفار ولذهاب الدنيا بعد نضارتها.


الصفحة التالية
Icon