﴿قد أفلح﴾ أي: فاز بكل مراد ﴿من تزكى﴾ أي: تطهر من الكفر بالإيمان؛ لما روي عن ابن عباس أنّ رسول الله ﷺ قال: «قد أفلح من تزكى وشهد أي لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله». وقيل: تطهر للصلاة وأدّى الزكاة.
﴿وذكر اسم ربه﴾ أي: بقلبه ولسانه مكبراً ﴿فصلى﴾ أي: الصلوات الخمس. قال الزمخشري: وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح وعلى أنها ليست من الصلاة؛ لأنّ الصلاة معطوفة عليها. وقال قتادة: تزكى: عَمِلَ صالحاً. وعن عطاء نزلت في صدقة الفطر. قال ابن سيرين: قد أفلح من تزكى، قال: خرج فصلى بعد ما أدّى زكاة الفطر وصلى صلاة العيد. قال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل فإنّ هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة فطر. وأجاب البغوي: بأنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كقوله تعالى: ﴿وأنت حل بهذا البلد﴾ (البلد: ٢)
والسورة مكية وظهر أثر الحل يوم الفتح قال ﷺ «أحلت لي ساعة من نهار». وقيل: المراد زكاة الأعمال لا زكاة الأموال، أي: زكى أعماله من الرياء والتقصير. وروي عن عطاء أنه قال: إنّ هذه الآية نزلت في عثمان، وذلك أنه كان بالمدينة منافق له نخلة مائلة إلى دار رجل من الأنصار، إذا هبت الريح تساقط منها بسر ورطب في دار الأنصاري فيأكل هو وعياله من ذلك، فخاصمه المنافق، فذكر الأنصاري ذلك للنبيّ ﷺ فأرسل خلف المنافق وهو لا يعلم نفاقه فقال له النبيّ ﷺ «إنّ أخاك الأنصاري ذكر أنّ بسرك ورطبك يقع في منزله فيأكل هو وعياله منه فهل لك أن أعطيك نخلة في الجنة بدلها؟ قال: أبيع عاجلاً بآجل لا أفعل» فذكروا أنّ عثمان قد أعطاه حائطاً من نخل بدل نخلته. ويقول فيه: ﴿قد أفلح من تزكى﴾ وفي المنافق ﴿ويتجنبها الأشقى﴾ وقال الضحاك: نزلت في أبي بكر
(١٣/٤٣٥)