وقوله تعالى: ﴿فأما الإنسان﴾ متصل بقوله تعالى: ﴿إنّ ربك لبالمرصاد﴾ فكأنه قيل: إنّ الله تعالى يريد من الإنسان الطاعة والسعي للعاقبة، وهو لا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها ﴿إذا ما ابتلاه﴾، أي: اختبره بالنعمة ﴿ربه﴾، أي: الذي أبدعه وأحسن إليه بما يحفظ وجوده ليظهر شكره أو كفره ﴿فأكرمه﴾، أي: جعله عزيزاً بين الناس وأعطاه ما يكرمونه به من الجاه والمال ﴿ونعمه﴾، أي: جعله متلذذاً مترفهاً بما وسع الله تعالى عليه.
وقوله تعالى: ﴿فيقول﴾، أي: سروراً بذلك افتخاراً ﴿ربي أكرمن﴾، أي: فضلني بما أعطاني خبر المبتدأ الذي هو الإنسان، ودخول الفاء لما في أمّا من معنى الشرط، والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر في تقدير التأخير، كأنه قيل: فأما الإنسان فقائل ربي أكرمن وقت الابتداء بالأنعام فيظن أنّ ذلك عن استحقاق فيرتفع به.
وكذا قوله تعالى: ﴿وأما إذا ما ابتلاه فقدر﴾، أي: ضيق ﴿عليه رزقه﴾ التقدير وأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه، أي: بالفقر ليوازي قسيمه ﴿فيقول﴾، أي: الإنسان بسبب الضيق ﴿ربي أهانن﴾ فيهتم لذلك ويضيق به ذرعاً ويكون أكبر همه، وهذا في حق الكافر لقصور نظره وسوء فكره فيرى الكرامة والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقلته.Y﴿{
(١٣/٤٥٥)
وقال الكلبي ومقاتل: نزلت في أمية بن خلف الجمحي الكافر. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في عتبة بن ربيعة. وقيل: أبي بن خلف. فإن قيل: كيف سمى كلا الأمرين من بسط الرزق وتقتيره ابتلاء؟ أجيب: بأن كل واحد منهما اختبار للعبد، فإذا بسط له فقد اختبر حاله أيشكر أم يكفر، وإذا قدر عليه فقد اختبر حاله أيصبر أم يجزع فالحكمة فيهما واحدة، ونحوه قوله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة﴾
(الأنبياء: ٣٥)


الصفحة التالية
Icon