وقد أنجز الله له هذا الوعد يوم الفتح وأحلها له، وما فتحت على أحد قبله ولا أحلت له فأحل ما شاء وحرم ما شاء قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، ومقيس بن صبابة وغيرهما، وحرم دار أبي سفيان ثم قال: «إنّ الله حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لأحد قبلي، ولن تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار فلا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها. فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقيوننا وقبورنا وبيوتنا، فقال ﷺ إلا الإذخر». ونظير ﴿وأنت حل﴾ في معنى الاستقبال قوله تعالى: ﴿إنك ميت وإنهم ميتون﴾ (الزمر: ٣٠)
ومثله واسع في كلام العرب، تقول لمن تعده الإكرام والحباء لأنت مكرم محبوّ، وهو في كلام الله تعالى واسع لأنّ الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة، وكفاك دليلاً قاطعاً على أنه للاستقبال وأنّ تفسيره بالحال محال أنّ السورة بالاتفاق مكية، وأين الهجرة من وقت نزولها، فما بال الفتح والجملة اعتراض بين المقسم به وما عطف عليه.
واختلف في قوله تعالى: ﴿ووالد وما ولد﴾ فقال الزمخشري: هو رسول الله ﷺ ومن ولده أقسم ببلده الذي هو مسقط رأسه، وحرم أبيه إبراهيم، ومنشأ أبيه إسماعيل وبمن ولده وبه. وقال البغويّ: هما آدم وذريّته، وقيل: كلُّ والد وولده. فإن قيل: هلا قيل: ومن ولد؟ أجيب: بأنّ فيه ما في قوله تعالى: ﴿والله أعلم بما وضعت﴾ (آل عمران: ٣٦)
(١٣/٤٦٣)